الدول المناهضة للدوحة تشدد على اخراجهم وقطع المساعدات عنهم
ايريك تراكر
ترجمة: حسين محسن
يمثل يوم الاثنين نهاية العشرة أيام التي أعطت السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر للامتثال لـ 13 مطلب. وطلبوا من قطر قطع العلاقات مع إيران، اغلاق الجزيرة، ووقف منح الجنسية القطرية للمعارضين المنفيين من بلدان أخرى. وعلى الرغم من جهود الوساطة الأميركية والكويتية الرفيعة المستوى، يبدو أنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق. وترى قطر أن المطالب اعتداء على سيادتها ورفضت الامتثال الى الضغط. واعلنت الدول الاربع الاخرى التي اعلنت الحظر الاقتصادي والدبلوماسي المفروض على الدوحة في الخامس من حزيران / يونيو، ان مطالبها غير قابلة للتفاوض، ووعدت بمزيد من التصعيد اذ مر الموعد النهائي من دون اتفاق
الخلافات السياسية في قلب هذا النزاع ليست جديدة. وقد رأت الدول المناهضة لقطر منذ فترة طويلة أن الدوحة شاذة جدا بعلاقتها مع إيران، وهي استفزازية جدا في دعمها لقناة الجزيرة ووسائل الإعلام المماثلة، كما أنها كانت داعمة للحركات الإسلامية. وتعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص دعم قطر لجماعات الإخوان المسلمين تهديدا قاتلا لأنظمتها الخاصة، وبالتالي فإن سلوك قطر ليس مجرد اعتراض، ولكنه لا يطاق تماما.
في الواقع، في حين أن مطالب البلدان الـ 13 من قطر تشمل مجموعة من القضايا، فإن الغالبية الساحقة تكمن حول علاقة قطر مع جماعة الإخوان المسلمين، وتعكس رغبة هذه الدول في إحتواء ما تعتبره تهديدا وجوديا. وبمعنى آخر، فقد شعرت دول الخليج بالقلق إزاء استقرارها على المدى الطويل منذ أواخر عام 2010، عندما بدأت سلسلة من الانتفاضات الشعبية و أسقطت الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي حين طالب الناشطون في طليعة تلك الانتفاضات بالإصلاح السياسي والمساواة الاقتصادية، سرعان ما انحدر ما يسمى “الربيع العربي” إلى سلسلة من الصراعات المريرة على السلطة. وفي أشد الحالات فتكا، اندلعت حروباً أهلية في سوريا وليبيا، حيث ردت الأنظمة بوحشية على الاحتجاجات، مما أثار الصراعات التي قتل فيها مئات الآلاف و شرد الملايين. و في الحالات الأقل عنفا واجهت الأنظمة مصيرا مخزيا حيث فر الدكتاتور التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى المنفى، في حين تمت محاكمة نظيره المصري حسني مبارك وسجنه. هذه الأحداث، واحتضان واشنطن لشتى الحركات الاحتجاجية، لم تعصف بالملوك الخليجية – بما في ذلك قطر إلى حد ما. في حين غطت الجزيرة انتفاضة يناير 2011 في مصر بقوة، انضمت إلى شركائها في مجلس التعاون الخليجي في معارضة الانتفاضة اللاحقة في البحرين، وشاركت في التدخل العسكري بقيادة السعودية في مارس 2011 لدعم الملكية البحرينية كما ووقف الاحتجاجات. ولكن مع زيادة نفوذ تنظيم الإخوان المسلمين سياسيا في أعقاب هذه الانتفاضات، رسمت قطر مسارا مستقلا وأيدت بقوة هذه الجماعات. يعكس قرار الدوحة جزئيا ميولها الأيديولوجية: كان الأمير قريب من رجل الدين المصري يوسف القرضاوي، وهو المرشد الروحي للإخوان الذين عاشوا في قطر منذ عام 1961، وكانت الجزيرة قد وفرت لفترة طويلة منصة للقرضاوي وغيره من الإخوان لتعزيز إيديولوجية الجماعة الثيوقراطية. لكنه يعكس أيضا اعتبارات الدوحة الاستراتيجية: فمع فوز جماعة الإخوان في الانتخابات في مصر وتونس، بدا أن الإخوان هم الموجة السياسية للمستقبل. ولم يعرض الإخوان أي خطر داخلي على النظام القطري، لأن الدوحة حلت فصل الإخوان المحليين في عام 1999.
إلا أن المملكة العربية السعودية و الإمارات رأتا أن ظهور جماعة الإخوان المسلمين يشكل تهديدا خطيرا. بعد كل شيء، حيث تسعى جماعة الإخوان إلى إنشاء “دولة إسلامية عالمية” تحت سيطرتها، مما يعني إسقاط تلك الحكومات الإسلامية التي لا تتبع جماعة الإخوان – وتخشى كل من الرياض وأبوظبي من أن يؤدي نجاح الإخوان في مصر وتونس وما وراءها إلى تنشيط جماعات الإخوان تحت العباءة في بلدانهم. في الواقع، كانت الحكومة الإماراتية تعمل على حل فرع الإخوان في أراضيها، المعروف باسم الإصلاح، منذ عام 1994، واعتبرت أن تأثير الإصلاح التقليدي داخل المؤسسات التعليمية للدولة بنحو خاص مثير للقلق.
في البداية، حاول زعيم جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي تخفيف هذه المخاوف من خلال زيارة الرياض بعد وقت قصير من فوزه في الانتخابات الرئاسية المصرية في يونيو 2012، وحاولت الإمارات إشراك مرسي بدعوته إلى أبو ظبي. لكن انتقادات قادة الإخوان المستمرة والصارمة لدولة الأمارات، وخاصة فيما يتعلق بملاحقة أبوظبي القانونية للإصلاح في عام 2013، أدت إلى تفاقم المخاوف السعودية والإماراتية بشأن نوايا الإخوان الطويلة الأمد. لذلك عندما رد الجيش المصري على الاحتجاجات الجماهيرية بإطاحة مرسي في يوليو / تموز 2013، اعتقدت السعودية والإمارات العربية المتحدة أنهم تجنبوا رصاصة، و رأوا النضال الذي أعقب ذلك ضد الإخوان من الناحية الوجودية. ولذلك دعموا بسخاء وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي حيث قام بقمع جماعة الإخوان بشكل وحشي، و عدوا مصائرهم مرتبطة بهزيمة السيسي لجماعة الإخوان المسلمين.
وعلى الرغم من التهديد المميت الذي رأته دول مجلس التعاون الخليجي في الإخوان، واصلت قطر رسم مسار مؤيد للإخوان. بعد الانقلاب المصري، منحت قطر ملجأ لبعض قادة الإخوان الذين فروا من مصر، واستضافتهم الجزيرة في فندق الدوحة من فئة الخمس نجوم ومنحتهم أوقات البث الكافية لتعزيز قضيتهم. كما بثت قناة الجزيرة احتجاجات جماعة الإخوان المناهضة للانقلاب،. وردا على ذلك سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفرائها من الدوحة في مارس / آذار 2014 متهمة إياه بانتهاك مبدأ مجلس التعاون الخليجي ضد التدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء. تم حل المواجهة بهدوء بعد شهرين، وغادر قادة الإخوان المصريون الدوحة في وقت لاحق من ذلك العام.
*عن مجلة ذا أتلانتك