مغنيات بغداد في الثلث الثاني من القرن العشرين

طارق حرب
هناك عدد كبير من الفنانات الكبيرات اللواتي ظهرن في هذه الحقبة الزمنية ومن بينهن زهور حسين و(يم عيون حراگة)، ومائدة نزهت خيرُ من أدت المقام والبستة البغدادية و(للناصرية)، ولميعة توفيق وشقيقها سلمان توفيق صاحب ملهى الطاحونة الحمراء في ساحة عقبة بن نافع في طريق معسكر الرشيد، وأحلام وهبي والطقطوقات الغنائية ووجهها الضاحك دومًا وعشيقها اللواء الطبيب مدير الامور الطبية سنة ١٩٦١.
وعفيفة اسكندر ملكة الغناء التي زيفت تاريخها احدى المسلسلات العراقية عندما صورها صديقة للفريق بكر صدقي صاحب انقلاب ١٩٣٦ المقتول سنة١٩٣٧ في حين ان عمرها كان ١١ سنة زمن بكر صدقي والتي توفيت في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وهيفاء حسين ومنافستها لأحلام وهبي وشعرها الصناعي اذ كانت اول من لبست الباروكة ببن الفنانات.
وسليمة باشا مراد البغدادية اليهودية زوجة المطرب ناظم الغزالي والتي شاهدناها عند تشييع عشرة من عشاق الغزالي عند وفاته نهاية سنة ١٩٦٣ حيث كنا واقفين امام عمارة رومايا المطلة على الساحة وكانت السيارة واقفة في الساحة واخرجوا التابوت من بيته الذي يقع خلف العمارة وشاهدنا سليمة باشا بملابس رثة وحافية القدمين وهي خلف المشيعين وتنادي (ناظم ليش عفتني اخذني وياك) اي اصطحبني معك الى القبر ولا تتركني.
ومنيرة الهوز هوز البغدادية اليهودية وزكية جورج وسعاد عبد الله التي خير ما صورت في اُغنيتها (آني المسيچينة آنه) حالة المرأة التي اعتادت بعض العشائر دفعها كتعويض (فصل عشائري) عن القتل.
وماسبق هن اميرات الغناء البغدادي في الثلث الثاني من القرن العشرين أي من نهاية عشرينات هذا القرن الى بدايات سبعينات القرن واللاتي ادخلن البهجة والفرح والمسرة على قلوب اهل بغداد بحيث تملكن قلوب البغداديين وعلى الرغم من منافسة الفنانات المصريات واللبنانيات لوجود نكهة في أدائهن لا يوجد لدى مطربات مصر ولبنان والعجيب ان اهل التمثيل والاخراج ومنتجي الافلام والمسلسلات كانوا اصحاب عقوق وجحود تجاههن اذ باستثناء المسلسل الذي كان كاذباً في تصوير التاريخ والشخصيات الخاص ببكر صدقي والذي لا يحدد الشخصيات ،وعما اذا كانت سليمة مراد ام عفيفة اسكندر لأنه يخلط بين الشخصيتين في وقائعه واحداثه لم يتول اي مسلسل او فلم اثبات شيء عن الفنانات البغداديات كحضور اغلبهن الساعة الرابعة صباحًا وبعد اكمال عملهن في الملاهي الليلية الى پاچة الحاتي لتناول الفطور حيث كن نراهن او اغلبهن اذ اعتدن على ذلك خاصة في ستينات القرن العشرين او تسجيل سيرتهن وما يميزهن كعيون زهور حسين وغنائها للمقام والپستة البغدادية التي كانت تجيدها ومائدة نزهت وهل عشقت الزعيم عبد الكريم قاسم حيث غنت له ما لم تقدمه فنانة اخرى وكيف لحقها وصف ابنة النائب ضابط والفنانة انصاف منير والتي كانت لها صولات فنية خاصة في نهاية خمسينات القرن العشرين .
وسعاد عبد الله وشعبيتها المفرطة حتى اننا كنا نراها في المحل المشهور في بداية شارع الكفاح وكانت ذاهبة الى بيتها في محلة الفناهرة ودعوناها لمشاركتنا الاكل وسلمت علينا وشاركتنا الوجبة وغير ذلك مما يحب تسجيله وعرضه للجيل الجديد من اهل بغداد على الاقل ،اذا علمنا ان بالإمكان اخذ المعلومات عمن عاصره تلك الفترة ، لاسيما وان زهور حسين توفيت سنة١٩٦٤ وصديقة الملاية البغدادية اليهودية وهي صَديقة من صديق وليس صِدّيقة من الصدق توفيت١٩٦٩ وزكية جورج ١٩٦٦ وسليمة مراد ١٩٧٤ ،ولكن في جميع الاحوال يبقين الاميرات البغداديات اللاتي استحوذن على قلوب اهل بغداد وعقولهم وبذهابهن خلت الساحة الفنية في بغداد من مطربة بغدادية فلقد كان غناءهن الأثري في بغداد فناً وعمقاً وعاطفة وتميز بتعدد انواعه كالمقام والپستة والمربعات والابوذية والعتابة والنايل والمنولوج والموشح والدبكة (الچوبي) ، واغاني رمضان واغاني الاطفال واغاني الكسلات اي العطل والمناسبات والاعياد اذ لا ننسى كيف تغني صديقة الملاية اُغنية الچالغي المشهورة ( يا گهوتك عزاوي) والشجى والغرام في صوت زكية جورج ذات الاصل الحلبي كونها من مدينة حلب السورية والمجلس الثقافي الفني الادبي لسليمة پاشا وحضورة من عيون المجتمع من سياسيين عظام ومثقفين وفنانين كبار وزهور واغانيها الخالدة بصوتها الذي يتميز ببحةِ غير موجودة في سواه واغنية ( غريبة من بعد عينج يايمة) والتي انتهت حياتها بحادث السيارة المأساوي على طريق الحلة والفنانة وحيدة خليل واغانيها الريفية التي قبلها القلب البغدادي واغنيتها المشهورة ( ما ني صحت يما آحاه چا وين اهلنه) ،وفي جميع الاحوال لا يمكن الاكثر والافضل تلحينا للفنانات البغدادية الفنان عباس جميل والذي عرفناه واصبح صديق الوالد حيث جاء نقلا لجوق موسيقى الكلية العسكرية في الرستمية جنوب بغداد وكان الفنان والوالد برتبة رئيس عرفاء وكان شعله موسيقية لم يستمر طويلا اذ قضى ثلاثة سنوات تقريبا هناك ثم أُحيل على التقاعد فأنصرف الى الفن .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة