بعد انتقال عناصره من العراق وسوريا
ماتيو بينينغتون
ترجمة: حسين محسن
قاتل الجهاديون القادمون من شرق آسيا بالمئات لصالح تنظيم داعش في سوريا و العراق، و الآن لديهم معركة مختلفة أقرب إلى أوطانهم في جنوب الفلبين، و هذا السيناريو يثير انزعاجاً كبيراً في واشنطن.
وقد أسفر الهجوم الأخير الذي شنه مقاتلون من تنظيم داعش في مدينة مراوي الفلبينية عن مقتل أكثر من 300 شخص، وكشف أوجه التقصير في أداء قوات الأمن المحلية وانتشار الجماعات المتطرفة في منطقة تراجعت فيها مكاسب مكافحة الإرهاب.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أمام الكونغرس الأسبوع الماضي أنه تم إلغاء عملية عسكرية أميركية طويلة الأمد لمساعدة القوات الفلبينية على احتواء خطر المقاتلين المتطرفين قبل ثلاثة أعوام. وما تزال أعداد صغيرة من القوات الخاصة الاميركية تؤدي دور «تقديم المشورة والمساعدة»، وتقوم الولايات المتحدة بتوفير المراقبة الجوية لمساعدة الفلبين في استعادة الأمن في مراوي، وهي مدينة داخلية تضم أكثر من 200 ألف شخص.
لكن المشرعين، بمن فيهم من حزب الرئيس دونالد ترامب الجمهوري، يريدون دوراً أميركياً أكبر، و بعيداً عن التدخل البري. حيث أنهم يخشون أن تصبح المنطقة مركزاً جديداً للمقاتلين الإسلاميين من جنوب شرق آسيا وخارجها.
وقال السيناتور الجمهوري جوني إرنست من ولاية آيوا: «لا أعرف إذا كان تنظيم داعش يوجه عملياته إلى هناك، ولكنهم يحاولون بالتأكيد الحصول على مقاتلين في تلك المنطقة. وأضاف «علينا ان نتصدى للوضع ويجب ان لا يخرج عن نطاق السيطرة».
وأشار مسؤولو المخابرات الأميركية ومكافحة الإرهاب إلى أن تنظيم داعش قبل علناً مبايعات من شتى المجموعات في الفلبين. و في مقطع فيديو في يونيو/حزيران 2016، دعا التنظيم أتباع له في جنوب شرق آسيا إلى الذهاب إلى الفلبين إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى سوريا.
وقال الجيش الفلبيني أن نحو 40 أجنبياً معظمهم من إندونيسيا وماليزيا المجاورات، كانوا من بين 500 متورط في القتال في مراوي. وتشير التقارير إلى مقتل سعودي واحد في الأقل، وشيشاني، و يمني. وفي إجمال المعارك، لقى أكثر من 200 مسلح مصرعهم في المواجهة، وهي الآن في إسبوعها الرابع.
ويشير الفيديو الذي حصلت عليه وكالة أسوشييتد برس من الجيش الفلبيني إلى وجود تحالف بين المقاتلين المسلمين المحليين مع تنظيم داعش، و ينسق هذا التحالف الهجمات المعقدة. و يشمل الزعيم المزعوم لتنظيم داعش في جنوب شرق آسيا: إيسنيلون هابيلون المعروف بإسم (أبو عبد الله الفلبيني)، وهو على قائمة واشنطن للإرهابيين المطلوبين، مع مكافأة قدرها 5 ملايين دولار على رأسه.
ويقوم المسؤولون الأميركيون بتقييم ما إذا كان أي من الألف مقاتل من جنوب شرق آسيا الذين سافروا الى العراق وسوريا في الأعوام الأخيرة يقاتلون حالياً في الفلبين ذات الأغلبية الكاثوليكية. ويخشون أن المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة في المنطقة ذات الأغلبية المسلمة حول مراوي يمكن أن تجعل هذه المنطقة مركزاً للإرهاب، كما حدث في التسعينيات.
و بعدها كانت الفلبين قاعدة عمليات لقادة تنظيم القاعدة مثل خالد الشيخ محمد ورمزي يوسف الذي قام بالتخطيط في 1994-1995 لتفجير الطائرات فوق المحيط الهادئ. و تم احباط المؤامرة. لكن الرجال نفسهم كان لهم دور أساسي في هجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة.
وتشترك دول أخرى في المخاوف نفسها. حيث حذرت سنغافورة مؤخراً من أن تنظيم داعش يمارس نفوذاً متطرفاً «يتجاوز بكثير» ما مارسه تنظيم القاعدة والجماعة الإسلامية. و نفذت الجماعة الإسلامية في بداية الألفية الجديدة هجمات إرهابية كبيرة في جميع أنحاء المنطقة. و قد تبنى داعش أعمال إرهابية في إندونيسيا و ماليزيا العام الماضي، و أحبطت محاولة لهم في سنغافورة.
وقال ماتيس في هذا الشهر لوزراء دفاع المنطقة «يجب ان نعمل معاً لمنع هذا التهديد من النمو». وفي الكونغرس الأسبوع الماضي، شدد على مشاركة المخابرات والدول مثل سنغافورة التي تتقاسم العبء بدلاً من نشر القوات الأميركية.
وقد تمركز أكثر من 500 من القوات الخاصة الأميركية في منطقة مينداناو في المدة من عام 2002 حتى عام 2014، حيث قدموا المشورة والتدريب للقوات الفلبينية ضد جماعة أبو سياف، وهي جماعة سيئة السمعة في عمليات التفجير والاختطاف. وذكرت شركة راند في وقت لاحق ان المسؤولين الفلبينيين والأميركيين أعربوا في ختام كلمته عن قلقهم من أن الانسحاب الأميركي «قد يؤدى الى عودة تجدد التهديد الإرهابي». وقبل أشهر من الانسحاب، تعهد أبو سياف بدعم تنظيم داعش.
إن دعم الفلبين ليس واضحاً في واشنطن. ويتهم الرئيس رودريغو دوتيرتي بالتغاضي عن أعمال القتل العشوائي التي تقوم بها قواته في حربه على المخدرات، وقد مات الآلاف. ولكن تلك الحملة شملت بنحو رئيسي الشرطة وقوات مكافحة المخدرات، وليس الجيش الذي يقود المعركة المناهضة لداعش.
وقال زكري ابوزه خبير جنوب شرق آسيا في كلية الحرب الوطنية أن الحكومة الفلبينية مسؤولة جزئياً عن عنف مراوي. وقال إن السبب الجذري هو فشل الحكومة في تنفيذ اتفاق سلام عام 2014 مع أكبر تمرد مسلم في البلاد، مما غذى التجنيد للجماعات الملهمة من قبل تنظيم داعش.
ويرغب ارنست، الذي يرأس لجنة من مجلس الشيوخ حول التهديدات الناشئة، في أن يقوم الجيش الأميركي بعملية رفيعة المستوى لمساعدة الفلبين في مواجهة داعش. و لدى البنتاغون بين 50 و 100 من القوات الخاصة في المنطقة، و بناء على طلب الجيش الفلبيني
فقد نشر البنتاغون طائرة بي-3 أوريون لمراقبة المراوي. وقد أعطى أكثر من 600 قطعة سلاح ناري للشرطة الفلبينية الأسبوع الماضي.
*عن اسوشييتد برس