فيما كانت الانظار تتجه صوب الدوحة والرياض وطهران حيث الزلزال الذي ضرب دول الخليج بسبب القطيعة بين السعودية وقطر وما تبعها من هزات ارتدادية تمثلت بقيام دول خليجية وعربية وآسيوية بقطع علاقاتها مع الدوحة .. وما تلا ذلك الزلزال من هجمات ارهابية طالت العاصمة الايرانية طهران ، قيل انها ثمن الموقف الايراني الداعم لقطر !! .. في ظل هذه الاجواء الساخنة ، كان العراق يشهد زلزالا من نوع آخر .. زلزال لم يشعر به احد على الرغم من قوته المدمرة التي تجاوزت درجات مقياس «ريختر» !! ، ولكن يبدو ان هزات الخليج غطت على زلزالنا المرعب المدوي ..
نعم ، لقد ارعبتني كثيرا تلك الاخبار التي تواترت من بغداد والنجف وذي قار والبصرة ، والتي افادت بتعرض المدرسين الذين يقومون بعملية المراقبة في الامتحانات النهائية للصف الثالث المتوسط ، إلى طعنات بالسكاكين بعد اكتشافهم حالات غش يقوم بها الطلبة الممتحنون ، لا بل وصل الحال إلى ابعد واخطر من ذلك – وكما نقلت الأخبار عندما اقدم والد احد الطلاب « الغشاشين» في البصرة على قتل المدرَسة التي ضبطت ابنه في حالة غش سافر ، وحدثت جريمة القتل امام انظار الطلبة والمدرسين .. ومن المؤكد ان ولي امر الطالب هذا عندما اقدم على ارتكاب جريمته ، كان يفكر في ان يرى ابنه في يوم من الايام « .طبيباً او مهندساً او ربما طياراً «!! من دون ان يسأل نفسه كيف لإنسان فاشل ان يصبح عضواً نافعاً في المجتمع ؟!! .. وكيف سيطمئن هو في ان يسلم نفسه لطبيب يعرف سلفاً انه كان فاشلا في الدراسة ونجح اثر جريمة قتل ؟!!
الامر في غاية الخطورة في ان يصل الحال إلى تصفية المدرسين والمعلمين بهذه الطريقة الارهابية ، لا لشيء إلا لأنهم يقومون بأداء واجبهم ويسعون إلى المحافظة على مستوى التعليم وحمايته من الانهيار ، فإن انهار التعليم انهار كل شيء ، ولهذا ارى ، ويرى غيري ان ما حدث من اعتداءات على المدرسين يمثل زلزالا عنيفاً ستكون له آثاراً خطيرة في المستقبل ان لم يتم وضع الحلول والمعالجات المطلوبة .. وأكاد اجزم ، ان مثل هذه القضايا سيصار إلى حلها عشائرياً ، وتحت شعار « بوس عمك ، بوس خالك ، وهاي طايحة جوة الفراش» !! سيتم لملمة القضية ويغلق الملف بانتظار تكرار المشهد في حلقات مقبلة ، لاسيما ان امتحانات الصف السادس الاعدادي ستكون بعد شهر رمضان المبارك !
ان ما يتعرض له المدرسون والمعلمون وبالتالي التعليم بنحو عام يمثل نقطة تحول خطيرة جداً ينبغي الوقوف عندها ، ومثل هذه الحوادث المؤسفة وان لم تتحول إلى ظاهرة ، ما كان لها ان تحدث لو كانت هناك اجراءات رادعة ، فقد كنا نسمع سابقاً بحدوث مشادات او تهديدات كلامية للمدرسين ، ولكن بسبب غياب الاجراءات وايكال القضية إلى العرف العشائري جعلها تتطور لتأخذ بعداً تصفوياً غير مسبوق ،
أمن المعقول ان يصل بنا الحال إلى هذا المآل ليصبح ذاك الذي كاد ان يكون رسولا مهددًا بهذا النحو ؟؟ .. أهكذا نبجله ونجله ونحترمه ؟؟ .. الدول تتسابق فيما بينها لتكون افضل من سواها في مجال الاستثمار في التعليم ، وعندنا الطلبة يطعنون مدرسيهم بالسكاكين ، لأنهم غشاشون!
عبد الزهرة محمد الهنداوي
الرسول في خطر!
التعليقات مغلقة