في إشارة منه لقطع دول عديدة علاقاتها مع قطر
مارك لاندلر
واشنطن- أقحم الرئيس ترامب نفسه في نزاع مرير في الخليج العربي ناسباً لنفسه الفضل بقيام المملكة العربية السعودية بعزل جارتها الصغرى قطر.
وفي سلسلة من التغريدات، قال ترامب إن دعوته لإنهاء تمويل الجماعات المتطرفة دفعت المملكة العربية السعودية و بلدان أخرى إلى العمل هذا الأسبوع ضد قطر، وهي إمارة صغيرة غنية بالطاقة يمكن القول أنها أهم بؤرة أمريكية عسكرية في الشرق الأوسط.
و أضاف «خلال رحلتي الاخيرة الى الشرق الاوسط ذكرت أنه لا يمكن بعد الان أن يكون هناك تمويل للأفكار المتطرفة. «وأشار القادة العرب إلى قطر».
وقد أتهمت قطر منذ وقت طويل بتمويل جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن الجماعات المتطرفة في سوريا وليبيا وغيرها من الدول العربية. ولكنها أيضا موطن لمركزي قيادة أميركيين رئيسيين، بما في ذلك مركز كلفته 60 مليون دولار و الذي يشن منه الولايات المتحدة وحلفاءها حربهم الجوية على مسلحي داعش في العراق وسوريا.
هذه الأدوار المتناقضة لقطر قد تفسر الإشارات المرتبكة التي أرسلتها إدارة ترامب بعد تحرك المملكة العربية السعودية غير المتوقع. فقد حاول وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس في البداية يوم الاثنين الماضي تهدئة الخلاف، مع عرض تيلرسون للعب صانع السلام و ماتيس كان مصراً على أنه لن يكون له تأثير على الحملة ضد الإرهاب.
و في مساء الثلاثاء الماضي تبين أن ترامب كان يحاول التهدئة. حيث قال في اتصال مع الملك سلمان، ت أن الوحدة بين دول الخليج «ستحسم هزيمة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي»، وفقا لبيان البيت الأبيض.
و قال مسؤولون في إدارة ترامب أنه لا يحاول أن يفكك الدول السنية في الشرق الأوسط، وبدلا من ذلك، قالوا إنه يعبر عن إحباط حقيقي لسجل قطر في تمويل الإرهاب.
وقال شون سبيسر السكرتير الصحفي للبيت الابيض «ان الولايات المتحدة مازالت تريد ان ترى هذه القضية تهدأ وتسوى بأسرع وقت، وفقا للمبادئ التي وضعها الرئيس من أجل هزيمة تمويل الإرهاب.
ونفى سبيسر أن يكون الرئيس يقف مع أحد الجانبين. وقال ان ترامب أجرى محادثات «مثمرة للغاية» مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارته للرياض. لكن شخص اخر اطلع على المحادثة قال إنها كانت أكثر برودة بشكل ملحوظ من إجتماعات الرئيس مع زعماء دول الخليج الأخرى.
وفي واشنطن، أعرب سفير قطر مشعل بن حمد آل ثاني عن دهشته لتعليقات ترامب. وقال في مقابلة مع صحيفة ديلي بيست «لم يأتنا أحد قائلاً، أنظروا، لدينا مشاكل مع هذا، وهذا وهذا.
وقال محللون و مسؤولون في الإدارة أن هناك تهديداً مباشراً للمرافق العسكرية الاميركية في قطر، لا سيما أن قطر تعتبر الوجود العسكري الأميركي بمثابة بوليصة تأمين ضد التحركات العدوانية لجيرانها.
وصف مسؤولون في الحكومة الأمريكية و وكالات أنباء قطع العلاقات الدبلوماسية والسفر والتجارة بانه «حصار» وحتى محاولة للانقلاب.
وحذر دبلوماسي أميركي من انه كان هناك إغراء في إلقاء اللوم على الحكومة الروسية قبل أن يتم وزن الأدلة. الا ان الدبلوماسي نفسه اشار الى ان روسيا لديها الكثير من المكاسب من الانقسامات بين منافسيها في المنطقة خصوصا إذا جعلت من الصعب على الولايات المتحدة استخدام قطر كقاعدة رئيسية.
وقال مسؤولو البنتاغون إنهم أيضا فوجئوا بتعليقات ترامب، خاصة بالنظر إلى العلاقات العميقة للجيش الأمريكي مع قطر. وكان الجيش حريصا على تجنب الخلافات السياسية مع القطريين، وهو هدف ينعكس في تصريحات المتحدثين باسمه.
وقال المقدم داميان بيكارت المتحدث باسم القوات الجوية بالقيادة المركزية «ان الولايات المتحدة و التحالف يشعران بالإمتنان للقطريين على دعمهما الطويل الأمد لوجودنا والتزامهما الدائم بالحفاظ على الأمن الإقليمي.
ويبدو أن تغريدات ترامب تتناقض مع السفيرة الأمريكية في قطر دانا سميث التي غردت على موقع تويتر قائلةً إن قطر حققت «تقدما حقيقيا» في كبح الدعم المالي للإرهابيين.
وكان دبلوماسي اميركي في الدوحة قد قال الثلاثاء الماضي أن علاقات قطر مع الولايات المتحدة «قوية» وإنها قطعت شوطا كبيرا وهي تلاحق الاشخاص الذين يشتبه في انتمائهم إلى مجموعات ارهابية بتجميد الأموال ووضع ضوابط صارمة على مصارفها.
ولأول مرة، اختلفت تعليقات ترامب بشكل حاد عن تعليقات كبار مساعديه الأمنيين والوطنيين.
وقال تيلرسون وزير الخارجية الأميركي للصحفيين في سيدني بأستراليا حيث إجتمع هو و ماتيس مع المسؤولين الاستراليين «اننا بالتأكيد نشجع الاطراف على الجلوس معا ومعالجة هذه الخلافات».
و قال ماتيس «إنني واثق بأنه لن تكون هناك اثار ناجمة عن هذه الحالة المأساوية على الاطلاق».
وبالإضافة إلى وجود مركز القيادة الجوية فيها، فإن قطر هي المقر الرئيسي للقيادة المركزية للولايات المتحدة ومركز المخابرات الأمريكية في الشرق الأوسط.
وكان تمويل قطر للجماعات المتطرفة منذ فترة طويلة مصدرا للتوتر مع واشنطن. لكن الولايات المتحدة تجنبت بوجه عام أن تقف مع طرف ضد اخر في الخلافات الإقليمية في الخليج العربي لأن لديها شراكات إستراتيجية مع عدة بلدان، ومعظمها، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، لديها سجل لتمويل الجماعات المتطرفة.
وقال روبرت مالي، الذي نسق سياسة الشرق الأوسط في عهد أوباما: «من الواضح أن السعوديين والإماراتيين شعروا بأن هناك شخصا في البيت الأبيض سيقف بجانبهم». «هذا يضع قطر في موقف صعب: إما أن تحدث تحولا جذريا في السياسة أو تواجه عزلة أعمق».
و كانت تعليقات بعض المحللين أكثر نقداً، حيث قالوا أن السعوديين قد أستغلوا حسن النية الذي حصل في زيارة ترامب للقيام بخطوة تم التخطيط لها مسبقاً ضد جارهم الأصغر.
يقول بروس ريدل، المحلل الاستخباراتي السابق في حكومة أوباما «تلاعب السعوديون بدونالد ترامب».
«و شجع ترامب من دون قصد أسوأ غرائزهم تجاه جيرانهم».
*عن نيويورك تايمز