“سهارى العالم” بأمسية للشاعر كريم عبد في المقهى الثقافي العراقي بلندن

لندن – ابتسام يوسف الطاهر:
نحنُ سهارى هذا العالم.. جـئنا من بغدادَ، مجروحةً وجميلة.. نفتحُ أبوابَ العالمِ للأمطار.. جئنا من البصرةِ طفلةَ البحر.. يَحملُها الضحى على كتفيه.. من الكوفةِ تلعبُ تحتَ قمصانِـها النجوم.. من الموصلِ حزينة .. كوجوهـنا المصلوبةِ تحت الشمس.. جئنا من لا مكانَ ومن كلِّ مكان.. نحنُ العشاقَ الأقحاحَ .. المجروحينَ بصوت المغني.. الذي ماتَ من كثرة الحبّ.
هذه بعض المقاطع من قصيدة (نحن سهارى العالم) التي ألقاها الشاعر كريم عبد في الأمسية، التي نظمها له المقهى الثقافي العراقي في لندن.
الشاعر والقاص كريم عبد، معروف بغزارة انتاجه الشعري والقصصي، فقد أصدر العديد من المجموعات الشعرية منها (اطروحة الندى)، و(بلبل الشتاء والصيف)، ومجاميع قصصية منها، (خرزة زرقاء)، و(العيون السود)، و(ملاحقة الاشباح)، و(ليالي السيد سلمان)، وغيرها.
في بداية الثمانينيات، بداية الشتات، بداية موسم الهجرة بحثا عن الحرية والحياة، انتشرت بين الاصدقاء المغتربين مقولة لكريم عبد “نحن لم نتغرب، بل تمددنا لننتشر حول العالم. أو لإستكشافه لنعيد امجاد اجدادنا، الذين منهم انطلقت الحضارة، وانتشرت حول العالم!.
كان الشاعر ضمن المثقفين، والادباء، والفنانين، الذين رحلوا عن العراق بعد الغزو البعثي، وتنكيله بكل المعارضين، والمثقفين، والمستقلين الرافضين الانتماء الى ماكنة الجهل والقتل تلك.
قدم الى لندن من دمشق، التي كانت المحطة الأولى لبعض المغتربين والمهجرين العراقيين. على أمل العودة لبغداد في أقرب فرصة. وبعد إن ضاقت بهم سبل العودة وسبل العمل في سوريا، اضطروا للإنتشار في أصقاع العالم الأبعد، مثل السويد، والدنمارك، ولندن، وغيرها.
قرأ بعض قصائده مثل (أحوالُ الندامى)، وقصيدة (ابتهاجاً بفستانك الجميل)، و(ربـما)، وبعضاً من القصائد التي كتبها في التسعينيات بعد قدومه الى لندن، آخر محطات التغرب، مثل قصيدة (قميصُ الغريقِ وطيرُ السماء)، و(نحن سهارى هذا العالم).
من المواقف الطريفة في الأمسية كان إن الشاعر الضيف هو من قدم المضيِّف! الكاتب عدنان حسين احمد، الذي تأخر لظروف طارئة، لكنه تحدث لاحقا عن قصيدة كريم عبد، ووصف لغته الشعرية بالتكثيف، والتوهج، والمجاز: تتوهج اللغة في نصوص كريم عبد، خاصة فيما يسمى بالنص المفتوح ذي البناء القصصي، القريب من بناء ما يسمى بالرواية القصيرة، أو القصة الطويلة، أو ما يعرف بالـ( novella).. كذلك يكتب المقالة الفكرية والسياسية.” وقرأ عدنان حسين احمد، احدى تلك النصوص المفتوحة (السقوط في البئر).
وتبعه المسرحي والشاعر فلاح هاشم بالحديث عن الشاعر الضيف: كتابات كريم عبد سواء كانت فكرية أدبية، او سياسية تشبهه تماما، فهو شفاف وصادق، يرفض الخطأ، وقد يزعل ويقاطع من يراه لا يلتزم بالقيم الاجتماعية، والانسانية… في داخله رجل بريء جداً، ونقي جداً، وهذا ما نلمسه في قصائده. قد يغضب بسرعة ان لاحظ شيئاً يتنافى مع افكاره ومبادئه، ” ثم ختم حديثه بقراءته لأحد النصوص.
اختتمت الأمسية بالحديث عن الرواية، فكريم عبد يعد الرواية “ملحمة العصر الحديث، عمل مركب يحتاج الى رؤى متعددة”، فيستغرب كيف يستسهل الآخرون كتابتها: “أنا بوصفي شاعراً، بإمكاني تكثيف ما يمكن من احداث، وهذا ما حصل في “النوفلات”، أي القصص الطويلة. فخبرتي في الشعر، والسرد الواقعي، تمكني من تفكيك بعض قصصي القصيرة، وأحولها الى رواية، البعض حول الأدب وسيلة للربح مادياً أو معنوياً، “الشهرة والجوائز”. فالكاتب العربي يفتقد الحرية، فهناك رقابة مجتمعية وسلطوية، في حين ان علامة الرواية هي الحرية”. ويقول ما معناه انه يرى روايات البعض، قصة قصيرة، لكنهم اضافوا هنا وهناك أي “مدّوها” ليحولوها الى رواية، ويمكن اختزال مئات الصفحات الى عشرين صفحة أو أقل.
والحقيقة إن كل النصوص بالإمكان اختزالها، حتى القصائد المطولة، بالامكان الاستغناء عن الكثير من الأبيات، من دون ان يحدث خلل بالقصيدة. خاصة بعض قصائد اليوم التي معظمها مجرد تسطير كلام غير مترابط احيانا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة