الشارع الدمشقي يعيش حلم انتهاء الحرب الداخلية قريباً

برغم تصارع القوى الأجنبية على الأرض السورية
زينة كرم
ترجمة : حسين محسن

يتنفس الناس أسهل قليلاً، في جميع أنحاء دمشق، حيث تفتح المتاجر الجديدة، والأعمال التجارية تزدهر، وبعض الناس الذين فروا من الحرب الأهلية منذ سنوات يفكرون بالعودة.
ومن المرجح أن تستمر الحرب السورية لسنوات، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تدخل ومنافسة القوى الأجنبية في الأراضي السورية. ولكن في مقر حكومة الرئيس بشار الأسد، هناك شعور عام بأن الصراع الذي دام ست سنوات تنخفض وطأته.
تقول علياء، وهي معلمة في روضة أطفال تبلغ من العمر 27 عاماً في دمشق تتطوع في وقت فراغها مع منظمة ترعى النازحين القادمين من حول العاصمة «لم أنم جيداً منذ أسابيع».
و قد استرجعت ذكرى أليمة لها حيث كانت في الحمام مع والدتها وشقيقتها جاثين على ركبهم قبل شهرين فقط عندما اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة بعد ان تسلل مقاتلو المعارضة والانتحاريون للمدينة عبر انفاق من حي القابون الذي تسيطر عليه قوات المعارضة. وكان الهجوم خرقاً مفاجئاً للمحيط الأمني في دمشق وأستمر عدة أيام، مما أدى إلى تعطيل الأعمال التجارية و أثار مخاوف بين السكان الذين كانوا معزولين نسبياً عن الدمار الكارثي الذي أصاب الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد.
و قالت علياء التي أعطت فقط أسمها الاول «لم نسمع أصوات الرصاص منذ فترة من الان»، و قالت أن أقرباءها الذين هاجروا الى اوروبا بسبب الأوضاع سنة 2013 سيزورون دمشق للمرة الأولى منذ أربع سنوات و أنهم يضعون بعين الاعتبار الاستقرار في المدينة.
ومنذ ذلك الحين استعادت الحكومة السيطرة الكاملة على كل الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في محيط العاصمة حيث كانت قوات المعارضة تستهدف العاصمة المزدحمة بالسكان بقذائف الهاون. وقامت هذا الاسبوع المجموعة الأخيرة من مقاتلي المعارضة وأسرهم بإخلاء حي برزة شمال شرق البلاد، واستكملت سلسلة من صفقات الإخلاء المماثلة في المنطقة، و التي تترك لحكومة الأسد سيطرة حازمة على العاصمة، التي كانت تحاصرها قوات المعارضة.
وفي العاصمة، يكافح الكثيرون للبقاء على قيد الحياة وسط تفشي التضخم السكاني، وما يزال السكان يشعرون بقلق عميق إزاء المستقبل. وعشرات الالاف من الشبان الذين غادروا البلاد لن يعودوا مادام أن الحرب مستمرة، خوفاً من تجنيدهم في الجيش. وقد قتل اكثر من 400 الف شخص، و نزح نصف سكان البلاد.
لكن استعادة الحكومة لشرق حلب في أواخر العام الماضي كانت نقطة تحول. وفى الاشهر الماضية، استعادت القوات المسلحة، بمساعدة من الحلفاء روسيا وايران، معاقل قوات المعارضة حول العاصمة. كثيرون الآن مقتنعون بأن الأسد موجود هنا للبقاء على الرغم من موقف الرئيس دونالد ترامب والقصف الانتقامي لقاعدة للجيش السوري في أبريل / نيسان، بعد هجوم بالأسلحة الكيمياوية حمل الغرب قوات الأسد مسؤوليته.
وتسيطر الحكومة السورية الآن على أكبر أربع مدن في البلاد، ويشعر الكثيرون بأن الصراع قد تم إحتوائه في الأقل حتى الشمال، حيث تقاتل الجماعات المختلفة تنظيم داعش وبعضها البعض من أجل النفوذ.
و تنتشر في جميع أنحاء العاصمة، المطاعم الجديدة، والمقاهي وغيرها من الأعمال التجارية. و ملأت الموسيقى و الرقص و ضحكات الشباب في الأزقة الضيقة، مشاهد لا يمكن تصورها قبل عامين.
و يقول عمرو توزاني،33 عاماً، «إن الجرح العميق و الألم الذي تسبب به فقدان شهدائنا يرافقنا دائماً، لكننا دائماً ما نحاول الهرب. هناك فرق كبير بين أن تحاول الهرب من ذكرى مؤلمة و بين أن تكون غير مكترث بالضحايا.
ترك توزاني عمله في شحن البضائع قبل عامين، وخلال الأشهر ال 14 الماضية، قام بفتح أربع حانات في منطقة الباب الشرقي. و يقول إنه ليس غافلا عن الموت والمعاناة التي تقع على بعد ميلين فقط، لكنه يريد أن يظهر أن هناك جانباً آخر لسوريا إلى جانب الحرب.
و أضاف عمرو توزاني، الذي كان يتحدث عن آخر حاناته المفتوحة (كوزيت)، «ربما لا أستطيع حمل السلاح والقتال، ولكن يمكنني القتال بطريقة أخرى».
وقال وسام حلاقي، وهو صيدلي يبلغ من العمر 36 عاماً، إنه لم يفكر يومًا في مغادرة سوريا. وقال «لقد حصلت على علامة « صنع في سوريا «مكتوبة على قلبي»، واضعاً يده على قلبه مع ابتسامة أرتسمت على وجهه.
وقال «ان الحرب ستنتهي بطريقة او بأخرى لأننا بلد استراتيجي نابض بالحياة، وستعود سوريا كما كانت واقوى»
ويكافح آخرون للإحساس بهذا النوع من التفاؤل، وفي المناطق التي استعادتها الحكومة السورية، من السهل معرفة السبب.
في المعقل السابق لقوات المعارضة «الزبداني»، على بعد ساعة واحدة بالسيارة من دمشق، الدمار مروع. ما اعتاد أن يكون وجهة سياحية نابضة بالحياة هو الآن منطقة مهجورة حيث إنهار كل مبنى. ومعظم سكان الزبداني من المسلمين السنة و الذين يشكلون العمود الفقري للتمرد ضد الأسد – لن يجرؤوا على العودة إليها.
وقال فايز غصن، واقفاً وسط أنقاض منزله في الزبداني مؤخراً: «لا أعتقد أنه يمكن أن تكون كما كانت من قبل. واضاف «ان الكثير من الناس قد هاجروا، وكثير من الناس لقوا مصرعهم، وقد فقد الكثيرون».
وأضاف إن المسألة تحتاج إلى الوقت ولكن نأمل أن يعود الناس، في نهاية المطاف … لا يوجد شيء مثل الوطن، بغض النظر عن كل شيء.
* عن اسوشييتد برس

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة