حوار روحي لا شكلي

دأب الكثير من الاطراف في العراق على تنظيم اجتماعات ولقاءات وتجمعات تحت عنوان المصالحة الوطنية او المصالحة الاجتماعية واذا كانت هذه المصالحة حاجة حقيقية تؤكد عليها الامم المتحدة وجامعة الدول العربية والمعنيون بالصراع السياسي داخلياً وخارجياً فان تحقيق هذه المصالحة تعرض الى اهتزازات وفشل كبير وخلال عقد من الزمن او يزيد اهدرت جهود كبيرة واموال طائلة في سبيل تحقيق وئام عراقي بين المكونات يتيح للبلاد الانطلاق من جديد بعد سنوات من الكبت والاضطهاد والطغيان وسلب الحقوق وتكميم الافواه لشرائح مختلفة في المجتمع العراقي لم تتح لها الفرصة للتعايش دينياً او قومياً او مذهبياً مع الطوائف الاخرى ..اليوم وفي ظل تجدد الدعوات لتحقيق هذا التعايش وهذه المصالحة وتعدد اشكال الدعوة اليها بات من الضروري الاستفادة من التجارب السابقة وتلمس طرق النجاح لهذه الدعوة ولايختلف معنا احد من ان مرحلة مابعد داعش تتطلب جهداً وطنياً يعبد الطريق لاعادة الثقة والطمانينة للاقليات العراقية التي تعرضت للقتل والتهجير على ايدي تنظيم داعش الارهابي وفي الوقت نفسه اثبات بان ماقامت به عصابات هذا التنظيم الاجرامي لايمثل ديناً او قومية او مذهباً أي من ابناء الشعب العراقي الذين يتشاركون العيش في هذا الوطن مع ابناء هذه الاقليات ولابد من التنبيه الى الاخطاء والتجارب الفاشلة السابقة التي حاولت الاقتراب والادعاء بانها تستهدف المصالحة بين العراقيين من دون ان تصيب هدفها او عمدت الى التضليل والخداع استجابة لنوايا سيئة تقف وراءها جهات دولية او اقليمية حاقدة لاتريد للعراقيين الخروج من مستنقع الفوضى وفي مقدمة هذه الاخطاء الاصرار على المبادرات الشكلية المتمثلة بتنظيم مهرجانات خطابية تحت عنوان المصالحة او رفع شعارات لمؤتمرات خارجية او داخلية لاتمثل العراقيين تمثيلا حقيقيا واهدار اموال من دون التزام وطني واخلاقي تجاه الوطن والبديل الحقيقي لهذا الفشل هو الانطلاق بحوار روحي يستهدف ماضي العراقيين وحاضرهم ومستقبلهم واستحضار القيم الاصيلة التي نشأت عليها الامة العراقية ومغادرة كل اشكال التهميش ومصالحة الذات اولا وازالة رواسب الانتقام والحقد والكره وعدم الالتفات الى صفحات الماضي الا من اجل استخلاص الدروس والعبر والايمان بعراق قوي وموحد لاينال فيه دين او قومية او مذهب من دين او قومية اومذهب الاخر وتثبيت ذلك في عهود ومواثيق تؤكد ماجاء به الدستور مضمونا لاتسطيراً. ولكم في الحياة دروس وعبر ايها العراقيون من ذوي الالباب ..!!
د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة