الخصخصة في السعودية.. ماذا عن ثورة محمد بن سلمان الجديدة

ضمن سياسة التحول إلى اقتصاد ما بعد النفط
ترجمة: سناء علي

في تقرير نشره عدد من المراقبين للشأن الشرق اوسطي اشاروا في عدد من المقالات والتقارير تم نشرها على الموقع الى ان « تنويع مصادر الدخل – التحول إلى اقتصاد ما بعد النفط، ربما لا يخلو حديث أي مسؤول سعودي للإعلام خلال الأشهر الماضية، ومنذ إطلاق رؤية 2030 في (نيسان) 2016 من ذكر جملة من الجملتين في السياق، سواء بداعٍ أو من دون داعٍ، هذه الجمل تأتي دائمًا عند الحديث عن أي إصلاح اقتصادي في البلاد، سواء كان فرض ضرائب جديدة أو رفعًا للدعم، أو حتى الإعلان عن بيع كلي أو جزئي «الخصخصة» لإحدى شركات القطاع العام.»
ما اضافوا ان « حديث محمد التويجري، نائب وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، في عدة تصريحات أهم ما يجب أن نتوقف أمامه كثيرًا، إذ يكشف عن خطط بلاده للاعتماد على مصدرٍ جديدٍ للدخل، ربما يتفوق على المصدر الأساسي «النفط» خلال السنوات الثلاث القادمة، إذ قال: إن الحكومة السعودية تتوقع جمع نحو 200 مليار دولار في السنوات المقبلة عبر بيع أصول في مؤسساتٍ حكومية , مؤكداً أن الترتيبات الإدارية لهذه الخطوة باتت مكتملة وأن الحكومة تعتزم البدء في خصخصة بعض الأصول هذا العام في أربعة قطاعات هي الرياضة والكهرباء والمياه وصوامع الحبوب، فيما ذكر أن مبلغ المئتي مليار دولار لا يشمل عشرات المليارات من الدولارات المنتظرة من طرح 5% من شركة أرامكو النفطية العملاقة.»
كما بينوا ان « سياسة الخصخصة ليست مستحدثه بالمملكة ولكن، تلجأ العديد من الدول سواء المتقدمة أو النامية، إلى تبني هذه السياسة التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي، لتحقيق أهداف محددة، تختلف وفقًا لطبيعة السياسة والآليات المتبعة، لكنّها تأتي إجمالًا؛ إما لتخفيف الأعباء المالية عن الدولة وسد العجز، أو تجويد كفاءة الشركات والزيادة من ربحيتها، وأخيرًا تطوير الأسواق المالية المحلية البورصة، ومحاولة إنعاشها من خلال إدراج شركات جديدة بها.»
واشاروا ايضا الى ان « اتجاه السعودية يأتي لهذه السياسة بعد التراجع الحاد في إيرادات البلاد، جراء هبوط أسعار النفط، وتفاقم عجز الموازنة، إذ تنتظر المملكة دعم الأوضاع المالية العامة من خلال هذه الخطوة الجريئة والجديدة على أكبر اقتصاد عربي، إذ سجلت البلاد عجزاً بنحو 79 مليار دولار في موازنة 2016، وتسعى للقضاء على العجز بحلول عام 2020.»
وبينوا ان « التركيبة الاقتصادية السعودية ظلت في العقود الماضية مختلفة تمامًا عن غيرها في أغلب دول المنطقة، إذ كانت أكثر انغلاقًا عن العالم الخارجي، إضافة إلى الاعتماد على قوانين تمنع تملُّك الأجانب بالمملكة، ناهيك عن قانون الكفيل الذي تتميز به دول الخليج، لكن وعلى ما يبدو أن رؤية 2030 لن تبقي على هذا الحال طويلًا. وفي أولى خطوات الانفتاح الاقتصادي التي تسعى إليه المملكة عبر رؤية الأمير محمد بن سلمان، التحول من الانغلاق للانفتاح على الأسواق العالمية، إذ سمحت الحكومة للمؤسسات الأجنبية بتداول أسهم الشركات السعودية المتداولة في السوق المالي تداول، وبالرغم من هذه الخطوة التي كانت الأولى من نوعها، فإن اللائحة التنفيذية للبورصة السعودية ما زالت تحظر على المستثمر الأجنبي تملك أكثر من 5% من أسهم أي مصدر تكون أسهمه مدرجة.»
كما عدوا الإعلان عن خصخصة مشروعات حكومية تقدر قيمتها بنحو 200 مليار دولار برغم أن عجز الموازنة المتوقع في 2017 أقل من 60 مليار دولار، ثورة جديدة يقودها الأمير محمد بن سلمان، وذلك استكمالًا للنقلة النوعية في أسلوب التفكير الاستراتيجي، والتي ظهرت في «رؤية 2030, كما أن الأمير الشاب ينظر بعين الأعجاب للتجربة الإماراتية المنفتحة على الاقتصاد العالمي، والمتنوعة في العديد من المجالات منها السياحة والنقل والموانئ والطيران وغيرها، ومع صداقة وتقارب علني بين أميري الإمارات والسعودية كان من المنتظر أن تحدث نقلة ما في الاقتصاد السعودي يتبناها بن سلمان.»
وأكدوا ايضا أن» الاقتصادات الخليجية بصفةٍ عامة لا سيما الاقتصاد السعودي تعاني من خلل هيكلي تتمثل أعراضه في الاعتماد علي ريع العوائد النفطية، وهي ما ولدت وكرست حالة التبعية للعالم الخارجي وما تبعه من فساد واحتكار وفي النهاية اللا إنتاجية التي هي السمة الرئيسة للاقتصاد السعودي.
وتابعوا ان هذا الخلل الهيكلي كان من الطبيعي أن يولِّد أزمةً كبري مع تراجع أسعار النفط عالميًا، فحدثت أزمة عجز الموازنة العامة، واضطرت الحكومة للسحب من الاحتياطيات والاقتراض بسندات دولارية من الخارج وألغت العديد من المشروعات العامة التي كان من المقرر تنفيذها خلال عام 2016 .
وعن علاقة هذا الخلل بالخصخصة واتجاه المملكة إليها، اشار الخبراء الى ان الدولة السعودية هي المستحوذ الأكبر على المشاريع في السوق، وبالتالي ترتّب علي إلغاء هذه المشروعات انكماش كبير في الأسواق وبداية أزمة اقتصادية حقيقية خاصة مع استمرار تراجع عوائد النفط، وربما تكون الخصخصة إعادة لتوزيع الحصص بالسوق تجنبًا لتفاقم الأزمة ما زاد عجز الحكومة.»
كما اوعزوا الى أن الخصخصة ليست فقط لمواجهة عجز الموازنة العامة للدولة بل هي بداية لعصر جديد من الاقتصاد السعودي، إذ إن المزج بين القطاعين العام والخاص والسماح بتملك الأجانب والانفتاح الاقتصادي على العالم الخارجي سيكون أهم خصائص الثورة الجديدة، التي لن تتوقف عند الحدود الاقتصادية، بل ستتطلب تغيرًا في المنهج القيمي للمجتمع الوهابي الراسخة عبر ما يقارب العقد من الزمان.»

*عن معهد بولينغي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة