جرأة النص النسوي..

ما يزال المصطلح محل جدل و اعتراض فالبعض يرى ان النص الادبي لا يمكن تجنيسه او توصيفه بحسب جنس قائله بمعنى ان فكرة الادب عامة لا تخضع لمثل هذا التفريق ، بالطبع هذا الكلام الذي نسمعه غالبا ينسى او يتناسى حقيقة ان تعبيرنا او توصيفنا لنوع من الكتابة على انها نسوية ليست باعتبار جنس الكاتب بل باعتبار المقاصد التي يتوخاها النص فليس كل ما تكتبه المرأة أدبا نسويا ، هذا الكلام قلته في اكثر من مناسبة و تكراره ليس عبثا بل لتأكيد معنى النسوية التي نتوخاها او نقصدها ، يطرح في هذا السياق تقييم الجرأة التي تتضمنها بعض النصوص خاصة تلك التي تتخذ من الجسد موضوعا لها .. الجسد المسكوت عنه ، التابو ، منطقة السر و الستر ، وفق هذا يصبح الاعلان او الفضح واحدا من مقصديات ادب المرأة في تجاوز الخطوط التي رتبتها سلطات الفحولة .. نحن هنا إزاء تحدي او مواجهة بين قوة المنع و رغبة الظهور و العلن لكن يبقى السؤال : كيف نقرأ مثل هذه الكتابة ؟ هل هي نضال اجتماعي و سياسي ام جرأة محسوبة فنيا و مبنية بناء شعريا او قصصيا لا يضحي بالمعيار الفني لصالح الموقف السياسي ؟ أظن ان هذه المعاينة على درجة من الاهمية لفرز الكتابات المنفعلة و الطارئة عن النصوص الادبية ذات القيمة الفنية .. نعم نحن مع الاحتجاج شرط ان يكون ادبيا مستوفيا لاشتراطات الادبية و ليس استسهالا لها بدعوى ان مقصدية النص هي الاهم ، ثمة شيء اخر : هل يمكن ان نعد مثل هذا الاعلان ، اعلان الجسد تطرفا قبالة تطرف المنع ؟ اذا كان الجواب بالإيجاب فانه يعني اننا تحت طائلة سجال و لسنا بصدد أدب نسوي نريد له ان يفكك متبنيات الفحولة عبر خطاب ثقافي لا يستبدل القيمة الفنية بالانفعال ، و للدقة نقول : ان الكثير مما نقرأ لا يذهب بعيدا عن مثل هذا الانفعال ، ما نريد ان نقرره حصرا هنا : ثمة فرق بين تسليع الجسد لتحقيق الانبهار او الصدمة و بين اعادة انتاجه ثقافيا بوصفه واحدا من فضاءات التعبير الممكنة بل البكر التي لم تطأها محاولات الترصين و التأسيس ، في العراق وبعد تحقق متاحات التعبير في ظل الوضع الجديد نهضت مثل هذه الاسئلة التي نجدها في صلب المساءلة الادبية لهامش عريض من الكتابة سواء على صفحات التواصل او المواقع الالكترونية و شتى سبل الميديا التي باتت واسعة ومتاحة للجميع بدرجة متساوية .. لا يخفى ثمة أوهام تمر هنا و هناك ، ثمة كتابات لا ثيمة فيها سوى الجرأة الامر الذي يدعو الى التساؤل : هل الجرأة وحدها تكفي ؟ لا اعتقد ذلك.
جمال جاسم أمين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة