يدعو أتباعه إلى استعمال المواقع الإلكترونية للبيع والشراء
برلين ـ جاسم محمد:
قالت وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول”، مطلع شهر مايو الجاري عام 2017، إنها تحقق في احتمال أن يكون تنظيم داعش ومنظمات إرهابية أخرى في مراحل إنشاء شبكة تواصل اجتماعية خاصة بهم، وأجرت يوروبول عام 2017 عملية مدتها 48 ساعة ضد الدعاية التي تقوم بها مجموعات متطرفة وإرهابية على الإنترنت. وكثيرًا ما تستعمل التنظيمات المتطرفة، منصات اتصالات لتبادل المعلومات والدعاية، لذلك تعرض عمالقة التكنولوجيا مثل الفيس بوك وغوغل لضغوط كبيرة من الحكومات التي طالبتهم ببذل المزيد من الجهد لمكافحة شبكات التطرف والمواد التي تنشر عليها. وعلى وفق لصحيفة «التايمز»، فإن تنظيم داعش يستعمل الخدمة المجانية على الهواتف الذكية لـ ”تلغرام”، على وجه الخصوص من أجل الدعاية.
يدعو تنظيم داعش وباستمرار أتباعه إلى استعمال المواقع الإلكترونية المخصصة للبيع والشراء على غرار “كريغز ليست” و”إيباي”، من أجل استدراج الضحايا وقتلهم، ونشرت مجلة تابعة لداعش بعض التعليمات، التي يلقنها التنظيم لأنصاره والموالين لأفكاره الشاذة، قبل تنفيذ هجماتهم المفترضة، وتشجع المجلة، التي تنشر على الإنترنت بعشر لغات، الإرهابيين على شراء البنادق من المعارض و “خلق مذبحة بعد أخذ الرهائن. وفقا لتقرير ال“دايلي ميل، فأن تنظيم داعش جذب رهائن من خلال إعلانات تنشر عبر مواقع البيع والشراء مثل (كريغز ليست وغومتري وإيباي ولوت، وأضافت ) ويقترح نشر إعلان على هذه المواقع عبارة عن استوديو للإيجار، لجذب الأشخاص الذين يرغبون في استئجارها وبعدها سيتم احتجازهم وقتلهم. وتابعت المجلة متوجهة لأنصار التنظيم بالقول “يمكنكم أيضا الإشارة في إعلانكم إلى أن الاستوديو مناسب تماما للطلبة. يشار إلى أن داعش، الذي شن سلسلة هجمات في أوروبا، دأب على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي للتجنيد، ومشاركة المواد المتطرفة.
وحسب الكثير من التصريحات والأبحاث، فأن هناك قسماً خاصاً في تنظيم داعش، مسؤول عن التواصل واستعمال الـ DARK WEB» الشبكة السوداء» بصورة احترافية تحمي تنظيم داعش من الملاحقة والاختراق وتأمين تبادل المعلومات والتمويل، وهذا ماتحاول الاستخبارات الأميركية التصدي له، وخصوصاً أن هناك العديد من الملفات النصية التي تشرح كيفية التبرع لتنظيم داعش، وتتحدث الملفات عن أهمية التبرع للقتال ويشرح آلية تحويل النقود عبر الـ دارك ويب.
الشبكة السوداء DARK WEB
وفقاً الى لصحيفة «الغارديان»، فإن محركات البحث مثل «جوجل» لا تستطيع الدخول سوى في أقل من 03.٪ من المعلومات على الإنترنت! بقية المعلومات تقطن في شبكة مجهولة، يستعملها أشخاص مجهولين، ولا يمكنك حتى الدخول على تلك الشبكة إذا لم تكن أنت نفسك مجهولا تماما على الإنترنت.
فلا يمكن الدخول على تلك الشبكة باستعمال متصفح مثل (فاير فوكس أو جوجل كروم)، لتدخل على الشبكة العميقة يجب عليك استعمال (متصفح عميق) . المتصفح يُدعى تور TOR وهو المتصفح الذي شهد معدلات تحميل مهولة بواسطة الأشخاص المهتمين بخصوصيتهم عقب تسريبات «إدوارد سنودن» الأخيرة.
إن عمليات مكافحة القرصنة الالكترونية باتت صعبة لايمكن ايقافها او منعها مثل الارهاب الحقيقي على الارض، فهذه الجماعات تستطيع ان ترتقي بعمليات القرصنة مع كل خطوة تتخذها الحكومات بتأمين الحماية الرقمية. إن عمليات القرصنة الممكن وصفها عمليات شيطنة الانترنيت والعالم الافتراضي، بأنها عمليات لايمكن لها ان تنتهي عند هذه الجماعات. ويستفيد داعش من خبرات القاعدة السابقة وتجاربها على النت رغم القفزات النوعية في هذا العالم الرقمي الافتراضي. إن شبكات الانترنيت تساعد هذه الجماعات بسد التراجع الذي يحصل لها على الارض، ويدعمها من اجل البقاء والديمومة. السياسات الاوروبية في مواجهة الارهاب على السايبر وشيطنة الانترنيت، لم ترتقِ الى مستوى التحدي ونشاط هذه الجماعات.
هل نجح داعش حقاً بإنشاء
منصة خاصة به؟
خبراء مكافحة الارهاب، يجمعون بأن، المال هو العصب الرئيسي الى هذه الجماعات المتطرفة، «فلا تحدثني عن الارهاب، بل حدثني عن تمويل الجماعات الارهابية»، التنظيم مازال يمتلك امكانيات مالية تمكنه من تحقيق هدفه بانشاء مثل هذا النوع من المنصة، برغم خسارته مصادر التمويل في معاقله.
التنظيم لم يعد تنظيم «جهادي اسلاموي» ساذج بقدر ماهو «منظمة ارهابية سرية»، مايحتاجه التنظيم ايضا هو الخبرات، وطالما هذا التنظيم يقوم على اساس العولمة وتعدد الجنسيات في داخله، فانه يتمكن من تحقيق اهدافه على السايبر ووسائل التواصل الاجتماعي.
مايتميز به تنظيم داعش، انه يبحث دائماً عن الخبرات، وهو من يتصل بها ويقدم عقود عمل وعروض على مستوى»مؤسساتي» التقارير والشهادات ، من داخل العراق على سبيل المثال كشفت، ان التنظيم حصل على قائمة بالخبراء العراقيين في التصنيع العسكري، واجرى اتصالات مباشرة معهم، برغم انهم يقيمون في مدن لا تقع تحت سيطرته. ومثلما حصل التنظيم على الخبرات في مجال الاسلحة الكيمياوية والصواريخ والمتفجرات، فأنه حصل ايضا على خبرات في مجال الانترنيت.
التسريبات من داخل التنظيم كشفت بأن مقاتلي التنظيم من بريطانيا ومن اصول اسيوية، في الغالب من الهند والباكستان، هم من يديرون شبكات ومواقع التنظيم على الانترنيت. التنظيم غير مستبعد انه اجرى هذه الخطوة استباقياً، أي قبل احتمالات خسارته الى معاقله في الموصل وفي الرقة. وان انشاء منصة على الانترنيت خاصة بالتنظيم، تعطيه القدرة على ادارة امواله من جديد وادارة الصفقات المالية والدخول الى البورصة، اضافة الى اعمال التنظيم القذرة، على غرار الشبكة السوداء.
التنظيم ممكن ان يتحول الى منظمة سرية، لتنفيذ الاغتيالات اكثر من العمليات الانتحارية، على غرار المنظمات السرية اليمينية واليسارية، وان ينشط كثيرًا في اوروبا، وتنفيذ هجمات اليكترونية «سيبرانية» وهاكرز ضدها، بل ممكن ان تصل قدرته الى حد زعزعة أمن واستقرار دول من خلال هذه العمليات وعمليات الاتجار بالسلاح والمخدرات والمحظورات.
ما تحتاجه الحكومات هو ايجاد وحدات رقمية واعادة استراتيجة مكافحة الارهاب، تتعدى الاشكال النمطية على الارض وترتقي الى حجم تهديدات تنظيم داعش والجماعات المتطرفة.
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات