الإصلاح الثقافي

هذه العنونة واحدة من مفردات مفهمة الاصلاح بشكله العام او بوصفه مطلبا وطنيا يراد منه ان يطال كل الصعد. لكننا نضعه احيانا في مقدمة الأولويات باعتبار ان الخلل أي خلل و في أي مفصل هو تحصيل حاصل فكرة خاطئة ثقافيا او منحرفة عن مقصد الصواب، ثمة اكثر من جدل على هذا الصعيد: جدل البنى، التحتي اولا ام الفوقي؟ و بالطبع هناك مدارس فكرية معروفة عالجت و ما زالت تعالج هذا المنحى خاصة في حياة الجماعات و الدول التي لا تريد ان تنهي مشكلاتها مرة واحدة من خلال مراجعة منظومة افكارها و عقائدها بل هي تبذل جهدا زائلا و غير مجدي للتبرير و تدوير الأزمة بعد طلاء عناوينها او تغيير وصفها و رموزها لكن جوهرها واحد .. على الصعيد الثقافي ( التقني ) او الحرفي تحديدا و اقصد فضاء ممارسة الفعاليات الادبية و الفنية التي غالبا ما نطلق عليها تعبير ( مشهد ) ينشأ المنحى ذاته و هو ما يمكن ان أسميه ( تدوير الفراغ) ! إعادة المستعاد، ربما يحصل هذا لتلبية اغراض اعلامية تتقدم على المقصد الثقافي بل و حتى ايدلوجية ناعمة يخضع لها المثقف بقصد او دون قصد .. ربما ايضا ان تركيبة العمل المؤسسي لدينا ليست بالعمق الذي نتوخاه ، هي بنت الايديلوجيا السياسية المنفعلة بمتواليات الربح السريع و الغلبة و الترويج ، كل هذا لا يخدم التأسيس الثقافي و لايتيح مجالا للأسئلة العميقة او المكاشفات التي تتطلب استرخاء مؤقتا خارج حلبة النزاع اليومي .. انا أبحث هنا عن ظاهرة الكره العام للتحليل ! و الانسياق السهل وراء الإبتسار و اختزال الحالات دون التورط في فتح و معاينة مدياتها، هذا المنحى ليس ثقافيا بالمرة لان المثقف تفصيلي، لا تشغله الشجرة عن ان يرى الغابة كلها ، ولكي نقترب اكثر من التشخيص لنشرْ الى ما نحضره من فعاليات هنا او هناك ، المؤسف انها تجمعات ذات طابع اجتماعي و احيانا تزجية للوقت و الفراغ لممارسة هواية ! الامر لا يخلو من فائدة و الناس احرار في ممارسة هواياتهم شرط عدم خلط الاوراق و الاعتداء على العناوين من خلال ادعاء يافطة لا يلبّيها الواقفون تحتها ..يحصل الكثير من هذا الخلط في منابر الشعر حيث لا شعر سوى هواجس و نرجسيات حالمة لا تنتظم في سياق فني ولا لغة و لا ايقاع وربما في السرد بدرجة ما خاصة بعد ان سادت موجة استسهال لفن القص و الرواية في اعقاب الظروف التي مرت في العراق اذ يبدو الامر و كأن هذا النوع من السرد يتغذى على قناة من قنوات الفوضى العامة في البلد!
جمال جاسم أمين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة