يقول الكاتب والفيلسوف الهندي (جِدّو كريشنامورتي )، « الحب ليس رد فعل .. لأنه إن أنا أحببتك لأنك تحبني سيكون هذا مجرد تجارة أو شيئاً يتم شراؤه من الدكان وهذا ليس حباً . أن تحب يعني ألا تطلب شيئاً بالمقابل ولا حتى أن تشعر بأنك تعطي شيئاً»، ترى كم من المثقفين والمحبين والعشاق يدركون هذا المعنى للحب؟!، أظنهم قليلين جدًا وأكاد لا أراهم لقلتهم!، فكم مرة سمعنا وقرأنا هذه الجملة « ما الذي قدمه لنا العراق؟»، من عامل المسطر، الى الموظف الذي يأخذ راتباً شهرياً منتظماً، الكل يشكو ويتهم الوطن بأنه خدعة، أو إن من يتكلم بروح المواطنة وحب الوطن، مثالي ولا يعيش الواقع، بل هناك من اتهم الوطن بخداعه!، وكأن الوطن العراق، شخص متجسد أمامه ويطالبه بثمن بقائه قريباً منه !!، وكم من حديث جمعني بصديق، كنت أحاول أن أقنعه بأن الوطن، نحن، أنا وأنت وهم وكل من يعيش على هذه الارض، الوطن نحن جميعاً، فكيف يمكن أن اطالبه بشيء، أنا لم أقدمه له، بل في كل مناسبة أذكر بأنني صاحب فضل عليه( الوطن) بأنني لم أغادر ارضه، فكيف أطالبه بحب لم أمنحه إياه؟!
الى الآن يتصور البعض ان كتابة قصيدة، او غناء انشودة كافية لنثبت اننا نحب الوطن، نعم ان الكتابة جزء من دين علينا لهذا الوطن، الشعر، الغناء، ولكن الحفاظ على الوطن، والعيش بشرف وطمأنينة، لا يكون بالتغني به ببعض القصائد او الأغنيات، بل ببناء الانسان أولا، والحرص على صنع المشهد الجميل على أرضه، فأن نشعل شمعة بدلا من أن نلعن الظلام، السياسيون هدفهم الأول والأخير هو بناء ثروة اقتصادية للوطن، وفي العراق هدفهم الأول هو بناء ثروات لهم ولو بسرقة الوطن! ، لكن الشعوب هي التي تصنع وطناً جميلا وقوياً، الشعوب هي التي تبني الشباب ليكونوا القوة الأكبر الدفاع عن هذا الوطن ضد أي طارئ يتاجر به .
كم هجرة مرت على العراقيين؟ هجرة اختيارية، ومثلها اجبارية، وهجرة ونزوح داخل الوطن، ومع كل هذه الهجرات، كانت شخصية العراقي تتأرجح بين محب خالص للوطن وبين من ينتظر مقابل لهذا الحب، فكثير من العراقيين في الخارج والداخل، يتغنون بالوطن وبأهله، بأعمال خير مهداة الى العراق حصرًا، بعد أن أدركوا ان حب الوطن لا يمكن أن يكون مقابل له، في بلدان أوروبا لن تجد أناشيد تتغنى بحب الوطن، لكنك ستجد أجيالا واجيالا تبني وتعمر وتصنع حياة تليق بالإنسان، في حين تحتفظ ذاكرتنا بمئات الأناشيد عن حب الوطن، واضعافها نسمع الآن، و مازال العراقي يبحث عمن يدله الطريق للعمل ولا يملك زمام المبادرة.
يقول الشاعر الكبير محمود درويش:»تعلمت كلمات جديرة أن تقال للوطن، لذلك سأكسر جميع الحواجز، تعلمت جميع الكلمات لأختار منها بعض الحروف التي تشكل كلمة غالية وهي: أرض الوطن. «محمود درويش»
حذام يوسف طاهر
وطن من دون مقابل !
التعليقات مغلقة