في مسعاه بانتهاج سياسة الأرض المحروقة
متابعة الصباح الجديد:
مع خسارة تنظيم داعش لأراض في سوريا والعراق يدعو التنظيم مقاتليه إلى التركيز على تخريب البنية التحتية للدولتين حتى لا يستفيد أعداؤه من خسائره وهو ما يزيد من التحديات التي تواجهها حكومتا البلدين.
وعندما تقدم الجيش السوري والفصائل المسلحة المتحالفة معه بدعم من غطاء جوي روسي بمدينة تدمر التاريخية قبل نحو ثلاثة أسابيع أمر التنظيم مقاتليه بتدمير حقول النفط والغاز.
وقال التنظيم في مقال نشر في مجلته الرسمية (النبأ) على الإنترنت “الواجب على المجاهدين اليوم أن يوسعوا من حجم عملياتهم التي تستهدف الأسس الاقتصادية لأنظمة المشركين وذلك سعيا لحرمان الحكومات الصليبية والمرتدة من هذه الموارد”.
وتشكل هذه الاستراتيجية التي ينتهجها التنظيم تحديا مزدوجا أمام حكومتي بغداد ودمشق إذ تحرمهما من الدخل وتجعل من الصعب في الوقت نفسه تقديم الخدمات والدعم الشعبي في المناطق المدمرة التي يتم تحريرها من أيدي التنظيم.
وأضاف التنظيم في المقال الذي نشر في الثاني من مارس آذار أن عمليات داعش في المنطقة المحيطة بتدمر “تثبت الأثر الكبير للضربات الموجهة إلى اقتصاد المشركين في إرباك صفوفهم وخلخلة بنيانهم واستفزازهم أحيانا للدخول في معارك هم غير مستعدين لها”.
لم يقف الأمر عند حقول النفط والغاز بل امتد إلى آثار المدينة القديمة تدمر والتي تبعد 200 كيلومتر شمال شرقي العاصمة دمشق خلال سيطرة التنظيم عليها لمرتين حيث دمر بعض تراثها الأثري الذي لا يقدر بثمن قبل أن تستعيد القوات السورية السيطرة عليها.
ووصف خبير الآثار وائل حفيان الأضرار التي لحقت بالمصلبة (التترابيلون)، المؤلفة من أربع قواعد متقابلة فوق كل منها أربعة أعمدة، بأنها جسيمة. وقال حفيان إن أربعة أعمدة فقط بقيت من أصل 16 عمودا.
وأضاف أن المتشددين ألحقوا أضرارا خلال احتلالهم الثاني للمدينة أقل من فترة احتلالهم الأولى عندما دمروا قوسا أثريا عمره 1800 سنة ومعبد بعل شمين الذي يبلغ عمره نحو ألفي عام.
وفي المقال يرى التنظيم أن تدمير الأصول الاقتصادية الأساسية يشكل أولوية أكبر من تدمير التراث الأكثر رمزية.
وقال المقال “مع الأيام الأولى لغزوة تدمر الثانية التي فتح الله فيها للموحدين مدينة تدمر ومناطق واسعة غربها تضمن بعضها آخر ما تبقى بيد النظام النصيري من موارد نفطية… وجدنا السرعة الكبيرة التي دفع فيها النظام النصيري وحلفاؤه بقواتهم الكبيرة في عمق الصحراء لاستعادة السيطرة على تلك الموارد التي سبقهم جنود الخلافة إلى تدمير آبارها ومعاملها تماما كيلا يستفيد منها أعداؤهم وتستمر أزمته الاقتصادية إلى أبعد مدى ممكن”.
سياسة الدمار الشامل
يعتقد محللون أن التنظيم، الذي استحوذ يوما على ثلث أراضي العراق ومساحات واسعة في سوريا وأعلن قيام خلافة إسلامية عام 2014، يعيش وضعا صعبا في ظل الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق فضلا عن الضربات الجوية التي تنفذها روسيا في سوريا.
كما تحقق قوات عراقية تقدما ملحوظا في معركتها لاستعادة الموصل وهي المدينة التي أعلن منها زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قيام الخلافة.
وفي سوريا بالإضافة للهزيمة التي لحقت بالمتشددين في تدمر يجد التنظيم نفسه محاصرا في الرقة معقله الرئيسي.
وقال التنظيم في المقال “أي ضرر يلحقه التنظيم بمصالح هاتين الحكومتين الاقتصادية أو الخدمية من شأنه إضعافها. ولو كان برج كهرباء في ديالى أو بئر نفط في كركوك أو شبكة اتصالات في بغداد أو موقعا سياحيا في أربيل”.
وتابع المقال أن توسيع حجم العمليات ضد “الأسس الاقتصادية” للأنظمة التي تقاتل عناصره من شأنها “دفعهم إلى الانشغال بحماية تلك الموارد وتوجيه قسم كبير من جيوشهم وطاقاتهم لهذا الغرض مما يساهم في تشتيت قواهم وبعثرة جهودهم ومنعهم من التفرغ للمعارك المباشرة”.
وقال جعفر الإبراهيمي مستشار الحكومة العراقية للبنى التحتية إن تنظيم داعش تسبب في خسائر تقدر بنحو 30 مليار دولار في البنية التحتية العراقية منذ 2014.
وأضاف الإبراهيمي “داعش استخدم سياسة التدمير الشامل للمنشآت والمصانع والبنايات بقصد إحداث أكبر ضرر اقتصادي للعراق.
“أستطيع أن أؤكد أن ما لا يقل عن 90 بالمئة من البنى التحتية والمنشآت الحيوية الصناعية قد دمرت على أيدي داعش في المناطق التي احتلها في العراق.”
وقال الإبراهيمي إنهم دمروا أيضا مصانع السكر والأسمنت ونقلوا معداتها إلى سوريا.
وفي سوريا قال علي غانم وزير النفط والثروة المعدنية للوكالة العربية السورية للأنباء إن التنظيم دمر أكثر من 65 بالمئة من معمل حيان للغاز.
وينتج حقل حيان الذي يقع في محافظة حمص ثلاثة ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا.