عدا «المتنبي»

يبدو لي ان معرض الكتاب ، المقام حاليا بأرض معرض بغداد ، لن يشكل ثقلا في الحراك الثقافي الدائر في البلاد والذي تتنوع فيه الأنشطة وبمدنه المختلفة.
ثمة أنشطة أكثر فعالية وجذبا إلى الجمهور وهي ليست وليدة لحظتها الآنية ، بل دائمة الحضور، مثل ظاهرة شارع المتنبي، وتنوع الفعاليات فيه ، من الندوات الأسبوعية إلى ببيع الكتب ، بالذات يوم الجمعة.
الجمهور الذي توافد على معرض الكتاب محدود ولم تتشكل الوفود والتجمعات التي تغري بالمتابعة و الاهتمام ، مثل الزيارات الطلابية أو المجاميع الشبابية و العائلية ، فقد ظل المعرض محصورا بمن هو متابع للحراك الثقافي أصلا والذي يهمه الاطلاع على الثقافات الأخرى أو الجديد منها.
حتى في هذه لم يستطع معرض الكتاب أن بشكل حضورا ملفتا ، ذلك لافتقاره إلى دور النشر الكبيرة والمهمة ، بالذات العربية ، التي سجلت غيابا واضحا في نوعية المعروض اعتقد أن عزوف بعض الدور عن المشاركة متأتي من القدرة الشرائية لجمهور العراق ، بالإضافة إلى التسهيلات المقدمة من قبل إدارة المعرض ، اقلها الأجور وأخرها الشحن والفيزا.
أن غياب المنهجية عن أنشطتنا الثقافية والفنية بات يشكل ظاهرة مكرسة باستمرار في كل المهرجانات والملتقيات الأدبية ، فلا توجد رؤية واضحة لدى هيئة الناشرين العراقيين عما يجب أن يكون عليه معرض الكتاب ، من حيث النوعية والمساهمة وتعدد منابرها واختلاف أشكالها ومصادرها ، مما حدي بانحسار التنوع ، ليبدو المعروض ذا توجه محدد.
فلا غرابة أن نجد في صالة المعرض من يروج لفكر – ديني – معين ، دون ان يكون اصلا ناشرا أو مكتبيا ، بقدر ما يمثل الواجهة الإعلامية لأحزاب ومنظمات ، تريد ان تستغل الفرصة من اجل الترويج لمبادئها وأفكارها ، وقد بدا هذا جليا في القاعة الأولى ، حين شكلت احدي ممراته بصور الزعماء والدعاة.
ان قراءة لعمق ظاهرة تأصيل انتشار الكتاب و الإقبال عليه ، من خلال ما يجري على ارض الواقع ، تبدو لي بعيدة جدا في مجال تكريسها أو السعي باتجاهها لقد كان جليا الفرق الكبير بين هذا المعرض ، المقام حاليا ، وبين من سبقه بأعوام، رغم كثيرة الملاحظات عن تلك المعارض أيضا.
نحن بأمس الحاجة إلى تعود العائلة العراقية على اقتناء الكتاب ومن ثم الحث على القراءة ، وهما ظاهرتان ليس بشاذة في العراق ، أنما يمثلان واقعا مرا ، لابد من السعي إزالتها من حياتنا اليومية ، لن يتأتى هذا بدون أعلام حقيقي مرافق أو يسبق الظواهر الثقافية ، لغرض تصلها إلى جمهورها الحقيقي ، الذي هو كل بيت عراقيي ، بان يجعل من ضمن ميزانيته الشهرية بند لشراء الكتاب وقراءته.
حميد الربيعي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة