عام آخر يمر وانت ِتنبضين حزناً و الماً بعد ان توالت عليكِ ويلات الحروب والموت والفراق والتهجير فلا أماني تنفع ولا مجال لتحقيقها في ظل استمرارية استنزاف أحبابكِ واحداً تلو الاخر، وانت راضخة مجبرة على هذا الحال ليس عجزاً أوضعفاً وانما الحياة والظروف لم تمنحكِ خيارات أخرى , عاماً يليه عام آخر , وما زالتِ مشردة تبحثين عن فسحة آمل وسط عتمة هذا الوطن المنسية في أفراحه والحاضرة في اطراحهِ.
يتذكرونكِ عند الحاجة الى وقود حروبهم ولا يعرفون انكِ لا تملكين سوى قلبٍ ينبض بحب ابنائكِ الذين قدموا قرباناً للموت من دون اي سبب سوى انهم ولدوا على ارض لا تحتوي ابناءها.
بالأمس أحد ى الامهات تنبش أكوام النفايات بحثاً عن لقمة العيش لها ولمن حولها واليوم شاهدت اخرى تتسول وتستجدي المارة.
وغداً يلومك المجتمع لكونكِ قدمتِ فلذة كبدك لحماية كراسي المسؤولين ، في وقت لم يلتفوا لتحسين وضعك او يقدموا لكِ حقوقكِ التي تستحقينها.
كل عام وانت صامدة بعيدة عن اوجاع الفراق التي اكتويتي بها على مدى ايام عمرك وسنواته العجاف التي نثرت اولادك واخوتكِ واحبابكِ على مفارق الموت والعوز والحرمان ليكونوا حطاباً سهل الاشتعال في جميع محافل الموت.
كل عام وانت الصبر والامل والوجع لا تبالين بجوع ولأعطش الا ان قلبك يتفطر حزناً لكون الوطن ادار لكِ ظهرهٌ وحكامه جاروا على ابنائكِ وحرموهم حق العيش بسلام كل عام وانت عظيمة كالشمس تضيئين لمن حولك وتحترقين على ذاتك.
ولحين خلع ثوب الحداد عنكِ الذي ارتديتهِ مرغمة بفضل مجتمع اباح لك الحزن وحرمك من جمع ابنائك حولك تحت سقف واحد وعلى مائدة طعام واحدة من دون ان يكون ذلك السقف منزلاً في عشوائية أو كما يهوى البعض ان يسميها « حواسم «ونسوا انكِ دفعتِ ثمن هذه البقعة من الحواسم من دمك وروحك التي تمزقت اشلائها ما بين جريح وشهيد ومفقود فهم كل ما تملكين.
اذ لم يخطر في بال من تناوب على تولي زمام الحكم في العراق ان يتنازل ويمنحها مسكناً وراتباً شهرياً يوازي حجم تضحياتها على مدى سنوات التغير التي كانت طليعة المرحبين بها بعد ما عانت الامرين في سنوات حكم الطاغية، آمله ان تكون اعوام الموت والجوع قد انتهت الا انها لم تعرف ان ابواب الموت فتحت مصراعيها تطالب بالمزيد والمزيد. كل عام وانت شامخة ولك العزة والكرامة آيتها الام العراقية.
زينب الحسني
عيد الأم موال فرح
التعليقات مغلقة