ماذا يعني أن أديبا عربيا ، في مقال له عن الرواية العربية ، نشأتها وتطورها ، لا يذكر الرواية العراقية ، لا في مرحلة التأسيس والتي أرخ لها في بداية القرن الماضي ، بصدور رواية « زينب « ، عام 1917 لمحمد حسين هيكل ، ولا في مرحلة الأجيال اللاحقة ، التي قسمها إلى مرحلتين : المبدعين الأوائل وجيل النضج ، بينما في المقابل يعدد الدول بهذا الشأن والتي ليس لها باع في هذا الجنس الأدبي ألا حديثا ، أو الدول التي لم تكن ذات يوم ساحة ثقافية مؤثرة في المنطقة العربية ، كما العراق في تأثيراته الثقافية ، طوال الفترة الماضية أو المرحلة التنويرية في بداية القرن العشرين ، بالإضافة إلى انه احد المؤسسين الرئيسين في الحقل المعرفي ، فلا احد يتناسى ا ن أول رواية عراقية تناظر \ توازي زمنيا صدور أول رواية عربية ، كان ذلك في عام 1919 . في مرحلة الفورة والتجديد التي اجتاحت المنطقة خلال جيل الستينات كان العراق السباق بالتجدد في المجال السردي .
المقال الذي نشره في لندن الأستاذ واسيني الأعرج ، قبل أيام ، عدد مدارس السرد فأعطى الحصة الأكبر إلى مصر، وهذا حق لا نقاش فيه ، ثم الجزائر ونسي العراق بالكامل ، بينما حين عدد الروائيين ذكر واحد فقط ، عراقي مقيم في تونس ، بالضبط كما دولة الصومال ثمة كاتب واحد فيها .
لا اعتقد أن الأستاذ واسيني الأعرج في المقال هذا قد هفأ ، دون تركيز أو دراية ، أنما متأت بشكل متعمد على تجاهل المنجز العراقي ، كون هذا التجاهل جزء من ماكينة إعلامية ، على أصعدة عدة ، تعمل بشكل حثيث على طمس أو نسيان الثقافة العراقية ، ضمن منظور سياسي أو رؤية ثقافية مناوئة ، كما جرى قبل سنوات بعضوية العراق باتحاد الأدباء العرب ولاحقا بعدم الدعوة إلى المؤتمرات الثقافية العربية .
الشكل المناوئ ، الذي يجري تسيره ثقافيا ، ناتج بسبب شدة المنافسة التي بدأت تفرضها الرواية العراقية ، خلال السنوات الخمس الأخيرة ، في مجال المسابقات و سوق الكتب والطبع .
واسيني الأعرج لم يكن ناقدا أو مؤرخا ليؤرشف للرواية العربية ، حتى لا تفوته ثغرة هنا أو هنالك . هو روائي ، معروف عنه كونه كاتب مسابقات وغير متابع ، كقارئ جاد ، لما يصدر في الساحة السردية ، كان عليه أن يتدارك ثلماته قبل أن يتناسى ، فلا يؤشر بأصبعه إلى النار العراقية ، الموقدة دائما .
حميد الربيعي