خالد خضير الصالحي
(على هامش جلسة الاستاذ مفيد الجزائري الوزير الاسبق للثقافة في العراق … ملاحظة لم يتسن لها ان تطرح)
تفتقر الثقافة العراقية الى علاقات انتاج اعتيادية كما هو حال الانتاج الثقافي في البلدان المتقدمة، فلم تتمكن الثقافة، في ظل التخلف المجتمعي، من ان تخلق سوقا لإنتاج واستهلاك منتجاتها، اي تحقق وجود طرفين: طرف منتج يعيش على نتاجه الفني، وطرف مستهلك لنتاجات الثقافة، لذلك لا مناص للمثقفين من قبول واقع ان تكون الدولة الجهة الممولة للثقافة، ولكنهم في الوقت نفسه يقعون في تناقض تمليه رغبتهم في خلق استقلال عن توجهات الدولة وحاجاتها من الثقافة. فقد كنت الاحظ ان العديد منهم يدعون الى امرين يبدوان متناقضين ولكنهما اذا ما سلسلا بالتتابع فانهما سيكونان متكاملين يدعم بعضهما بعضا … ان المطالبة بدعم الدولة للثقافة، والمطالبة بتصفية وزارة الثقافة، لم تكونا دعوتين متناقضين، انما هما دعوتان متتامتان الى: انشاء جهة حكومية مهمتها صرف الاموال وتسليمها (الاموال) لما يمكن منفذين ميدانيين، اي بمعنى اخر الى (مقاولين ثانويين) من منظمات المجتمع المدني، وهي ذات الالية التي تنجز بها العديد من المهرجانات واهمها مهرجان المربد، مع تحجيم تام للوزارة فيه الا من الناحية المالية كون القوانين لا تسمح بصرف الاموال الا من جهة حكومية، فيقوم اتحاد الادباء بتنفيذه ميدانيا باعتباره مقاولا ثانويا للمهرجان، وهي آليات، اذا نظرنا لها بواقعية، فهي لن تغير الواقع المتردي الثقافة في المجتمع العراقي حتى لو تغيرت الجهات الحكومية التي تصرف المبالغ او الجهات المنفذة ميدانيا..
ان التردي الثقافي لصيق بالتردي الاجتماعي والسياسي الذي هو حال العراق ككل..