بات واضحاً ان الإرهاب سلسلة متنامية ومتدرجة تنتهي بالقتل والتوحش لكل من يقف أمامها وفي استعراض سريع للنشاط الارهابي في العراق والعالم العربي تقف اسباب سياسية واقتصادية وعقائدية وراء ظهور اشكال وعناوين مختلفة لمجاميع ارهابية اختلفت نواياها واساليبها واجتمعت في اهدافها المتمثلة في بث الرعب والخوف بما يضعف الدولة والنظام السياسي ومن ثم الاستحواذ والتمدد واستكمال اعلان الخلافة او الدولة ولانريد في هذا المقال التعمق ودراسة هذه الظاهرة في العالم عامة والعراق خاصة فتلك مهمة منوطة بخبراء ومؤرخين وباحثين قدموا للرأي العام والمكتبة العربية والعالمية الكثير من الاصدارات والدراسات التي تتحدث عن الارهاب وجذوره واهدافه لكننا نريد هنا في هذه السطور ان لايغفل القادة السياسيين في العراق التشخيص الحقيقي لتنامي الارهاب في العراق وان لايكرروا الاخطاء الكبيرة التي ارادت اختزال مواجهة الارهاب بشن الحروب وخوض المعارك وطرد الارهابيين من المدن العراقية التي استحوذ فيها الارهابيين على مقاليد الامور واصبحوا يهددوا سلطة المركز في بغداد وعندما يتم تحليل الوقائع والاحداث التي رافقت معارك انهيار النظام المباد وتولي قوات الاحتلال الاميركي مهمة حماية العراق وفرض سياستها الامنية والعسكرية في كل محافظات العراق ستتبلور أمامنا حقائق دامغة تؤكد الفشل الذريع في ادارة ملف الأمن في العراق تشترك فيه الارادة الاميركية ممثلة بقوات الاحتلال والارادة العراقية ممثلة بقرارات الحكومات العراقية المتعاقبة في معالجة التهديدات الارهابية وفي مقدمة هذه الوقائع هو الاهمال الكبير في دراسة البيئة والحواضن التي بذر فيها الارهاب بذوره وتنامى فيها غرسه واشتد فيها عوده وظهوره متوحشاً شرساً والتأخر في مواجهته ومن ثم الاكتفاء بقتل رموزه وقادته ومطاردتهم خارج سيادة الدولة العراقية والتعامل مع مفصل واحد من مفاصل الحرب على الارهاب هو المفصل العسكري والامني واهمال واغفال المفاصل الاقتصادية والاجتماعية والاستخباراتية ويأتي الاعتراف الأخير لاحد قادة الجيوش الاميركية (ديفيد بترايوس) الذي يقول فيه ان زنزانات السجون في العراق التي تم ايداع المتمهمين بالارهاب فيها كانت في الواقع معسكرات لتدريب الارهابيين وان السجناء اصبحوا اكثر تطرفاً بعد خروجهم ليضيف ويكشف مدى القصور الواضح في التعامل مع ملف الارهاب في العراق ولربما كانت الدعوات المتكررة لزعماء دول ومسؤولين معنيين بهذا الملف لاعادة قراءة ملف الإرهاب ومواجهته عسكرياً وأمنياً وفكرياً وتعرية وفضح معتقداته المريضة والمشوهة لتؤكد بان هذه المهمة ليست مهمة يسيرة ولاتقتصر على جيوش وقدرات أمنية وعسكرية بل ان الجميع اصبح مؤمناً بأنها مهمة تكاملية وتعاضدية تنطلق من محور التفكييك ومحاربة الافكار وتنتهي بالمواجهة العسكرية وهذا ما يحتم تعاوناً وتنسيقاً دولياً واسعاً محوره الدول التي تخوض حرباً مباشرة مع الارهابيين وفي ومقدمتها العراق .
د.علي شمخي
تفكيك الإرهاب!
التعليقات مغلقة