مرجعيات الفكر عند د.هادي البطحاوي

ثمة استعدادات ذاتية، ونزوع نحو العلم ،والمعرفة ،والدراسات المُعمقة ، والقراءات النقدية المُبصرة لدى الأكاديمي الدكتور «هادي شعلان البطحاوي « فتوقه للعلم مذ كان طالباً في ثانوية البطحاء إلى حصوله على الدكتوراه باللغة العربية .السمو الأخلاقي مُرادفاً لسعيّه العلميّ فقد ارتبط بالتوق نحو القراءات العميقة بالفكر، والأدب، لِينتج للساحة الثقافية العراقية-العربية شخصية علمية مُتزنة ، ورصيّنة. بعد هذا المهاد، أقول: إن المدارس النقدية الغربية التي دفعت بالفكر بالانفتاح ، والاتساع، والتواصل المعرفيّ بين الشعوب من خلال الترجمة ، وإسهامات المدارس النقدية بإنضاج الذائقة من خلال تفكيك بنى الوحدات السردية والشعرية بالتحليل المنهجيّ وفق تلك القراءات النقدية حيث يشمل المرجعيات اللسانية ،والمرجعيات النقدية، والمرجعيات السياقية، والتقنيات .. بالطبع السرد يُعبر عن الأمكنة.. والأزمنة ..والشخوص.. والتحولات في القصة والرواية عِبر منهجيّة في رؤية العالم بهذا التوصيف نستطيع القول : إن الأدب والسرد يُعبر عن الزمان والمكان والحلم وضياع الإنسان وأزماته وتتنوع الأساليب حسب قدرات المبدع في إنتاج نصه الأدبيّ.
وفي كتاب الدكتور «هادي شعلان البطحاوي « مرجعيات الفكر السردي الحديث / الصادر عن دار الرضوان /2016/ط1 ب 319 صفحة ،تعاطى بمنهجيّة وعلميّة رصيّنة في فصول الكتاب وأبوابه لِيقدم للمتلقي العربيّ طبق من مائدة الجمال بغزارة وشهيّة لارتواء الفكر والروح لمن يبحث عن التوق للمعارف والفكر النقديّ وفق سياقات التحولات عِبر التنظيرات والمُعطيات من مفكرٍ إلى آخر ،ومن ناقدٍ إلى آخر.. يذكر «المؤلف « في مقدمة كتابه ص11 إن النظرية ظاهرة تاريخية ، بكل التزامات هذا التوصيف .لا يمكن ان تنشأ مرتين لأبوين مختلفين . فيقتضي انتقالها ان يكون مراعيا لسياقات مختلفة ، تحفظ خصوصيتها التاريخية .لهذا ليست النظرية ظاهرة كونية .ان ميراث اللحظة التاريخية يترك فيها ملامحه التي تقعد بها عن بلوغ الكونية ،فلا تعيش خارج حدود الزمان فتكون سرمدية ،ولا المكان .لكن ذلك لا يعني إنكار قدرتها على الانتقال بين الثقافات ،….) فيما وضح من خلال التمهيد لرؤى وتصورات تشكلت لديه عند بحثه ورسالته بالقول ص15: ( الملفت في امر العلاقة بين النظرية النقدية والفلسفة إن نظرية الرواية أو المسرحية اكثر تأثرا وأكثر رصيداً فلسفياً من نظيرية الشعر، كما أنها العلاقة الأولى التي شهدت تمازج النقد والفلسفة ،كما تجلى في الميراث الإغريقي .إن نظرية الرواية ، في ظل هذه العلاقة ،لم تتطور تطوراً ذاتياً فقط ، أي باعتماد السابق ،وانما ظل التطور مرهوناً بالأخذ عن الحقول المجاورة،….) .لابد من إضاءة محتويات الكتاب من خلال المرور على مسميات الفصول لتعريف المتلقي بهذه الجوهرة الثمينة من الأفكار والرؤى لدى «الباحث « وحسب ضرورات العمود الثقافي المحدد بعدد من الكلمات ، فقد تناول : في الفصل الأول المرجعيات الفلسفية ص19 التي أكد على : (( لم يكن النقد الاجتماعي في طوره الأول (ماركس ، انجلز، لينين ) قد بلغ تمامه واستقر جهازه المفاهيمي والاصطلاحي ،حتى يبلغ درجة النظرية ،انما كان طورا تمهيديا .قد يكون امتيازه انه وضع أهداف النقد الاجتماعي، وقرن النص إلى واقعه الاجتماعي والاقتصادي .).وفي التطبيقات الإجرائية في رسالته الأكاديمية يؤكد الدكتور « البطحاوي « على دراسة الرموز النقدية بمباحث متعددة 1- جورج لوكاش 2- لوسيان غولدمان 3- ميخائيل باختين ، ثم النظريات البنيوية السردية الشكلية والسيميائية السردية وتستمر اطروحاته ،مناظراته ،مناقشاته ،بالفصول والأبواب الأخرى نحو المرجعيات الأيديولوجية مفهوم الايديولوجيا والايديولوجيا والادب والايديولوجيا ونظرية الرواية وتتشكل الفروع والابواب من تلك الفصول لتتمة البحث المُتقن بعناية فائقة .ليستمر بفصله الثالث بالمرجعيات اللسانية التي تعمق بها مفصلاً ..وكذلك بالفصل الرابع ودراسات مختلف المرجعيات النقدية بالعالم ..لعمري يمثل الكتاب جهود فذة ونافعة وشاملة وشافية …
صباح محسن كاظم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة