رواية تأتي بالماضي وتذهب بالحاضر

«أحمر حانة« ..
ريسان الخزعلي

« احمر حانة « ، الرواية الخامسة للروائي ( حميد الربيعي ) والتي صدرت قبل أسبوعين عن دار صفصافة ، في القاهرة ، و أقيمت لها أكثر من ندوة ومقابلة تلفزيونية ، في أثناء معرض القاهرة للكتاب ، انأ أول قارئ لها ، فقد اعتدت مع الصديق حميد الربيعي أن أكون أول من يطلع على نتاجه وهو يعدني «مؤشرا فنيا « لتقيم عمله الإبداعي .
الرواية تتحدث عن مرحلة مهمة في التاريخ العراقي وتسهب في تتبع ظاهرة الفرهود ، عمليات السلب والنهب المرافقة للأحداث الكبرى ، فما بين «خاراكس» والمدينة المدورة أكثر من حكاية خراب ، من تلك التي تقود إلى التهلكة والتي مرت كثيرا ولم يذكرها الخطيب البغدادي ولا ابن الأثير ، ولم يعلق عليها الجاحظ ، فكل المدونات التراثية كانت تقرا تراتبية الأحداث وفق قاعدة قربها من سدنة الحكم ، كما أن أصحاب الكهف لم يألفوا مشاهداتها بعد صحوة النوم الأولى فقد وجدوا بغداد المدورة وقد أحيلت إلى رسم درس ،عما كانوا يرون فيها « مدينة أن لم تدخلها كأنك لم تر الدنيا « ، كما وصفها الأمام الشافعي .
لقد جاء بهم الروائي من بطون الكتب وأخرجهم عنوة ليعدلوا مروياتهم ومشاهداتهم ، حتى ابن الأثير – في الرواية – يصير احد مزوري التاريخ ، قد كان الروائي المنقح لهم ، بل كان المدون الجديد ( عنهم كلهم ) بما آلت إليه المدينة في خرابها الأخير ، في زمننا الحاضر .
رواية « احمر حانة « ، رواية اللقطات المركبة المتداخلة والمقاربات ، التي تأتي بالماضي وتذهب بالحاضر إليه ، في دورة غرائبية ، يكون المدخل منها كالمخرج ، حيث الطلاسم ذاتها .
إنها رواية جديدة على السردية العراقية بطرائقها البنائية وانتقالاتها الزمنية في مكان واحد ، وكذلك أساليبها الوصفية ، هي رواية مكان بحق ، إذ تلاحق مدينة بغداد ، منذ تاريخ نشأتها على يد « المنصور» ، وصولا إلى حادثة سطو مصرف « الزوية « .
لا أنكر أنها رواية صعبة ، إلا من يصبر على غموض جمالها ، ليجد جمال غموضها .

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة