خريجو مدرسة الشيطان

ماجد عبد الرحيم الجامعي

يعرف المثقفون وانصافهم قصة خروج ابليس وآدم وحواء والحية من الجنة فجعل لهم الجليل العزيز الارض مستقرا الى يوم القيامة وأمر بالعداوة ان تبقى بين ابليس واولاد آدم وكذلك بين الحية واولاد آدم الى ان تحين الساعة … ولكني وقفت أتأمل تفصيلات هذه القصة ودلالاتها في تفسير القرآن الكريم ، الى ان شط فكري قليلا ورحت ادقق البحث بجزيئات كنت غافلا عن النظر اليها ، مبتدئا بالطفل الصغير الذي لا يفقه الكثير مما يدور حوله ، تراه يراوغ ويتصنع البكاء للحصول على ما يرغب باقتنائه والمرأة تفعل ذلك ايضا مع زوجها أو والدها .. وحين تذهب لمراجعة دوائر الدولة الحكومية ، لابد ان تجد هناك من يحاول ابتزازك والا تدخل معاملتك في دهاليز ( رسمية ) واصولية … 

ان حياتنا العامة تحوي الامثلة الكثيرة على ان مدرسة الشيطان قد خرجت وتخرج الكثير من الناس ، ولا يمكن ان تعفي احدا ، الا ما رحم ربي .. فالخطباء من بينهم من رآه الرسول الاكرم (ص) في اثناء رحلة الاسراء والمعراج وكانت شفاههم تقرض بمقراض من نار لنصحهم الناس ونسيانهم انفسهم ، لسطوة من الشيطان , وفي معارض السيارات حيث الاحتيال يملأ عقول اغلب اداراتها ، كما ان معظم اطباء وصيادلة اليوم يتاجرون بحياة الانسان العراقي المحاط بشتى الامراض الجسدية والنفسية والعصبية ، واذا طرق سمعك ان وزارة او مؤسسة ما فتحت باب التعيين وتسارع لتقديم طلبات تعيين اولادك العاطلين عن العمل يتم تسلم تلك المعاملات علنا ويطلبون منك الانتظار حتى يتم الاعلان عن اسماء المقبولين بوسائل الاعلام ، وفعلا تظهر الاسماء ، ولكن لا احد من اولادك يتم تعيينه بسبب حجز مقعد الوظيفة للمنتمين الى حزب هذه الكتلة السياسية التي تدير حصتها الوزارية ، او انك عاجز عن اعطاء المعني بالتعيين ما يطلب من الدولارات …

اما المدارس التربوية الحكومية ، فقصتها من نوع آخر وواسع ، فهي تبدأ بالمدارس الطينية وقلة التجهيزات ، مرورا بتوزيع القرطاسية الرديئة الصنع وفرض الدروس الخصوصية والملازم الدراسية التي يتاجر بها الكثير من التدريسيين والاسئلة الامتحانية المسربة ، وفتح باب الدراسة المسائية لفقراء الشعب واشتراط عدم تعيينهم بعد التخرج ، واذا ما كان هناك خطأ في اسمك او اسم ابيك او جدك فهي الطامة الكبرى ، وعليك الانتظار والمراجعة لعدة سنوات حتى يتم تصويب الاسم بعد رحلة مكوكية بين مدارس المراحل الابتدائية والمتوسطة والاعدادية… 

هذه السلوكيات الشيطانية وغيرها تجعلنا في حيرة من امرنا وتدفعنا الى التساؤل هل ان امكانات ابليس في تغيير النفوس بلغت هذا المبلغ العميق في الذات الانسانية ، ام ان الانسان بتراكم الخبرة والنزوع الشيطاني صار متقدما على الشيطان نفسه ويبادر الى تعليم ابليس طرقا مستحدثة لم يعرفها الشيطان من قبل ، وهل يتم قريبا استبدال الشاخص الدال على الشيطان ايام الحج الى بيت الله الحرام بشاخص انساني ترمى عليه الجمرات , وهل ان هناك بصيص امل في ان تستقيم الامور بعيدا عن السلوكيات المنحرفة لنعيش حياة هادئة ومستقرة … لا ادري , الله اعلم .. 

اعتقد ان علينا ان نحمل معاولنا لنهدم بها مدارس الشيطان ونبدأ بأنفسنا ونبني محلها مدارس اساسها الاخلاق والايمان بالله ورسله ورسالاته ، وان نلفظ من بيننا الشوائب التي الحقها الغرب المتفسخ بمجتمعاتنا , وان نفضح القاعدة والقاعديين في الداخل والخارج ونعلن انهم لا يمثلون الاسلام الذي عرفناه سمحا وان القتلة والسراق والمرتشين ، حكوميين واهليين هم خريجو مدرسة الشيطان ومكانهم الحقيقي هو السجن او الاعدام وليس قرار العفو الذي يعكف ممثلو الشعب على اعلانه قريبا ..؟!!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة