موت صغير.. رواية نظيفة في نهائي البوكر

بعد الانتهاء من قراءة « موت صغير « للروائي محمد حسن علوان – القائمة القصيرة للبوكر – لم يبق من الرواية إلا السؤال التالي: هل يملك نص «علوان» آلية أثر الفراشة في مواجهة المتن الكتابي لابن عربي والشروح عليه سواء تفسيراً أو تأويلاً بالإضافة إلى السطوة النفسية أو الإيمانية؛ التي تتركها النصوص الصوفية في ذهن المتلقي على كافة حالته، فيشق النص الروائي وجوده ولو بشكل قيصري في مواجهة الولادات الطبيعية لنسق ابن عربي !؟ وبعد السؤال تداعت إليّ الإشارات الحمراء والنتائج المخيبة لهكذا مواجهات، فالفيلم الذي اقتبس رواية « الحب في زمن الكوليرا « سقط في مواجهة نص «غبرييل غارسيا مركيز»؛ كذلك الفلم عن رواية « العطر « سقط في مواجهة نص «زوسكيند»، لكن هنا لدينا نص مقابل نص والأهم نص يحاول « أرضنة – من أرضي عكس سماوي « ابن عربي واستظهار البشري فيه، عبر سيرة حياته/ يومياته وإن كانت على ضوء بحثه عن الأوتاد التي تثبت قلبه وما أنتجه من كتب تعبر عن رؤياه الوجودية الميتافيزيقية.
في مواجهة النص بالصورة، سقطت الصورة مقابل الكلمة في ما ذكرناه من أمثلة سابقة أعلاه؛ أما هنا لدينا كلمة بكلمة في حلبة المواجهة وهذا ما يغري بضبط النتائج بدقة.
بداية، أراد « علوان « إظهار البشري في حياة ابن عربي، بدءاً من طفولته وعلاقته بأسرته ووتده الثالث « نظام « وعشقه لها بالإضافة إلى حيثيات سفره وعلاقته بالسلطة وكل الحالات التي تعرض للإنسان في حياته وهذا بالضبط جوهر روايته وغايتها ولا ريب أنّه طموح جميل ومخاطرة كبيرة من قبل الروائي في مواجهة ابن عربي لا تقل قيمة وخطورة عن الخصومات التي خاضها ابن عربي في حياته مع الأنساق الفكرية اللاهوتية والأرضية في زمنه.
لا أستطيع القول إن « علوان « قد نال غايته ووطد أوتاد روايته في مواجهة نصّ ابن عربي كما فعل « نيكوس كازانتزاكس « في « الإغواء الأخير للمسيح « ولا كما فعل «ساراماغو» في روايته « قايين « فيخرج لنا بسيرة حياة تخييلية صاخبة غير مطهّرة بل ما زالت في قلفتها لابن عربي، فكل ما فعله « علوان « أنه قدم رواية « بيضاء « أو «نظيفة» كما حدث بنسق الأفلام النظيفة التي سادت فترة في السينما العربية، رواية تصلح لصغار العائلة وعجائزها فقط مع أنه كان يكفيه ليجعل الرواية تلتهب أن يغوص في تفاصيل عشق ابن عربي ل»نظام»؛ ليحوّل الرواية لطوفان يعيد تأسيس الحب، حقيقة على «ترجمان الأشواق» لا على شرح ابن عربي الانهزامي أمام الغوغاء والعامة « فتح الذخائر والعلائق في شرح ترجمان الأشواق»
وعليه ذهب « علوان « في روايته مذهب الظاهرية والتوفيقية في سرد حياة ابن عربي مع أن ابن عربي خرج عن كل هذا المذهب.
في النهاية لا أجد رواية «موت صغير» ستقف في صف أي أثر يتناول ابن عربي بل ستغرب شمسها في رابعة نهارها ولن تترك أثراً كما فعلت رواية « أليف شفاك « مع شمس التبريزي « قواعد العشق الأربعون» رغم أن رواية « شفاك « رواية دوغمائية /كتشية لا أكثر.
عندما كتب ابن عربي « الفتوح المكيّة « وغيرها من كتبه، كان النص القرآني في المواجهة ومع ذلك ثبت ابن عربي! لكن، لا بدّ أن نثمن تجربة الروائي محمد حسن علوان في جدله مع نص، قربه سمّ وبعده سمّ، فهل من نجاة.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة