التحالف الوطني في كردستان بين الحلم والحقيقة

طبيعي جداً أن يقوم تحالف برلماني بزيادة مساحته الإنتخابية، ومراجعة ملفات شائكة، وصار لزاماً مراجعة مسيرته وطبيعة علاقات المحافظات بالمركز، وما يترتب من واجبات على البرلمانيين تجاه ناخبيهم، ومن ثم نقل المطالب بأمانة للسلطة التشريعية والتنفيذية، وكيفية رسم آليات لإتخاذ قرارات مناسبة تتماشى مع طبيعة الحاجة والإمكانية ، إلاّ أن زيارة وفد التحالف الوطني الى أقليم كردستان ، يبدو أنها على قدر أكبر من شعور التحالف الوطني بالتقصير طيلة سنواته الماضية، ومحاولة لتعويض الخلل السياسي والتشريعي والتنفيذي.
زار وفد التحالف أربيل والسليمانية، ومن الواضح أن جدول أعماله بتخطيط لزيارة المحافظتين لتدارس قضايا وطنية وداخلية للأقليم.
حلم الدولة الكردية من خمسينيات القرن الماضي ؛ لا توجد إمكانيات على تطبيقه ؛ سيما بتوقف الدعم الدولي للإقليم بمجرد التفكير بالإنفصال ؛ خوفاً على إستنساخ التجربة في سوريا وتركيا وايران، ولا إمكانيات مادية ؛ مع عجز الإقليم عن دفع رواتب موظفيه ؛ بمجرد مرور الدولة بأزمة إقتصادية، وما تهديدات الإنفصال ؛ إلاّ خطاب داخلي للإقليم ؛ لإبعاد الشارع عن معاناتهم وحجم الخلافات بين القوى الكردية، التي كانت تختلف في كثير وتجتمع قومياً.
إشكالات كثيرة بين المركز والإقليم، وتصريحات متبادلة؛ منها من جانب قوى كردستانية وتهديد بالإنفصال، ومقابلها قوى من التحالف لإتهام الإقليم، وإشكاليات حول المادة 140 وتعقيدات آخرى لا يمكن حلها بالتصريحات والتهديدات؛ إذا كانت الرؤية على أن وحدة الإقليم تصب في مصلحة الدولة وديمومة العمل السياسي.
إن أصل الزيارة جاءت لتقوية الأواصر، والدلالة على أن التحالف الوطني لا يقتصر عمله بالجنوب، ومن حرصه على رعاية العمل السياسي وإعادته الى سكة الوطنية ؛ فلابد من عودة قوى التحالف الكردستاني الى توحيد رؤياها، وهذا ما سعى له التحالف الوطني لتقريب وجهات النظر بين الكرد من زيارة اربيل ثم السليمانية، وما مشروع التسوية الوطنية، الذي حمله التحالف الوطني؛ إلا تعبير على أنه مشروع لعراق موحد.
زيارة الإقليم والتقريب بين أطرافه ؛ دليل على أن التسوية ليست مشروع دولة لا شيعي او كردي او سني، أو تقارب بين أطراف لا علاقة لكردستان بها.
خطوة التحالف الوطني للتقريب بين الأطراف الكردستانية ؛ جزء من مسؤوليته السياسية كونه الكتلة البرلمانية الأكبر، وعليه مسؤولية قيادة دولة ؛ لا يمكن تكامل عملها بتشتت قواها السياسية ؛ ثم الإنطلاق الى مشروع التسوية لمراجعة العملية السياسية، وعلى أثر الزيارة تم تشكيل لجان لبحث الملفات العالقة، وخلاف خطوة التحالف الوطني؛ يُعد أي تصريح متشنج مِنْ أيّ الطرفين خارج دائرة مصلحة الدولة ، وبحث عن مكاسب شخصية على حساب مشروع بناء دولة موحدة ؛ فيها قوى سياسية وأن أختلفت بالرأي ؛ فلا تختلف في وصف الدولة والمسؤولية الملقاة على عاتق الساسة للحفاظ على وحدة بلدهم ، وتمنع تدخلات وتصرفات شخصية تسيء الى العلاقة بين المكونات ، والتحالف الوطني مؤهل لقيادة التقارب بين الأطراف الكردية؛ سيما وأن رئيسه السيد عمار الحكيم لديه القدرة وله من علاقات وثيقة مع الإقليم ، وبذلك يمكن أن تنتهي الأحلام، وتنطلق القوى السياسية الى حقيقة الخطر المهدد للجميع ، وبما أن التحالف يمثل الأغلبية، فعليه إزالة هواجس الشركاء.
*كاتب عراقي
واثق الجابري

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة