علي رياح
في البرازيل ، معقل فنون الكرة وتجديدها والانبهار بها ، تقدّم رئيس أحد الناديين المتباريين قبل بداية إحدى مواجهات الدوري المحلي، وطلب من الحكم إيقاف الفريقين وما أمكن من أعداد الجمهور الهائلة دقيقة واحدة صمتاً وحداداً!
هزّ الحكم رأسه مستجيباً لطلب رئيس النادي ظناً منه أن الأمر يتعلق بحدث جلل أو بوفاة لاعب أو مدرب أو شخصية رياضية أو عامة لها علاقة بأحد الفريقين ، ولم يكن ضيق الوقت يسمح للحكم أن يسأل أو يستعلم ، لكنه وبعد انتهاء المباراة توجه إلى المقصورة الرئيسة للملعب وسأل رئيس النادي عن اسم المتوفى من باب العلم بالشيء ، فما كان من (الرئيس) إلا الرد بالقول : دقيقة الصمت تلك كانت رسالة موجهة إلى شخصك الكريم حتى تراجع نفسك، وحتى تراجع ما اقترفته صفارتك بحق فريقنا خلال الموسم الماضي.. لقد كنت يا صديقي مفرطاً ومتعسفاً في استخدام القانون بحق فريقنا إلى الحد الذي كنت فيه تمنح ركلات الجزاء للفرق التي نلاعبها من دون أي سند قانوني حقيقي!
* * *
إن شيئاً مما تتحدث به هذه القصة الكروية في البرازيل ، يحدث في ملاعب العالم ، وفي كل أمسية لنا حكاية ورواية .. فقد باتت أخطاء التحكيم وبالاً قاتلاً يطارد كثيرًا من اللاعبين والفرق ، خصوصاً حين يضرب حكم المباراة أو مساعدوه كل قوانين الكرة بعرض الحائط ، ويتم تجاهل النصوص الواضحة لمصلحة الاجتهادات الفوضوية العجيبة ، فيصبح الصالح في نظر الحكم طالحاً ، وتختفي الفروقات بين الأخطاء الفادحة التي تقع على مرأى من الجميع وبين الأداء القانوني الإيجابي الذي يُـكبّله الحكم في غفلة أو عن قصد.
* * *
قانون كرة القدم يشير صراحة ووجوباً إلى أنه لا اجتهاد في موضع النص .. فيما يقلب أحد الحكام بعد مباراة أخيرة هذه الحقيقة بالقول : التقدير الشخصي البحت أسلم طريق من وجهة نظري لتمشية المباراة!
وإننا لنتساءل باندهاش : أين تذهب بنود القانون الكروي الرصين، وما مصير العشرات من المحاضرات والدورات والدروس التي تحض على الالتزام بالقانون ، إذا كان الحكم لا يأخذ بها في جزء من الثانية ويطلق العنان لصفارته، وإذا كان الحكم لا يأخذ بركام المواد الصريحة هذه ويتعامل معها على أنها (مرحلة) من حياته ولا لزوم للاستعانة بها في المتبقي من عمره التحكيمي الافتراضي!.