خطأ في خطأ ..!

عامر القيسي

في الازمات الخطيرة التي تمر بها الانظمة والحكومات وما تجره الازمات من تأثيرات على الحياة الاجتماعية، تجنح الحكومات عادة الى اتخاذ قرارات لتطمين الجمهور وكسبه في معارك حلحلة الازمات، والقرارات المعاكسة تنتج وضعا معاكسا بشكل ٍتلقائي .

في معركتنا ضد الارهاب، على الحكومة وهي في زمن تصريف الاعمال ، ان تكون قراراتها  حكيمة ومدروسة ومشبعة بالبعد السياسي الايجابي الذي يرافق جهود حل الازمات وان كانت امنية أو عسكرية.

مجلس الوزراء الموقر في جلسته الاعتيادية الخامسة والعشرين التي عقدها برئاسة رئيسه نوري المالكي قرر :صرف رواتب الموظفين في المناطق الساخنة الخاضعة لسيطرة الحكومة فقط بعد التنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة لتحديد تلك المناطق، اما الموظفون في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة فتجمع وتصرف لهم لاحقا بعد انتهاء العمليات الحربية“.

واضاف البيان ان ” الطلبات الواردة في كتاب وزارة الدولة لشؤون المحافظات تحال الى الوزارات المختصة لاتخاذ الاجراءات المناسبة على وفق ما تقتضيه الظروف الميدانية على الارض ، كما تقرر صرف رواتب رئيس واعضاء مجلس محافظتي نينوى وصلاح الدين الذين يباشرون اعمالهم في مواقع بديلة وبتأييد من الجهات المختصة، وبقية الموظفين المساندين لعمل المجالس ويشمل ذلك مجالس الاقضية والنواحي“.

اعتقد ان هذا القرار يفتقد الى بعد نظر سياسي وانساني معا، وهناك عشرات الطرق التي بامكانها تأمين الرواتب للموظفين في المناطق الساخنة ، التي سخنت و”تعزت” ليس بسببهم ولا من ايديهم، ومن المنطقي ان يجير القرار لصالح اهداف سياسية برغم النوايا الحسنة ، ان توفرت..!

القرار شبيه بقرار عدم صرف رواتب موظفي اقليم كردستان ، بمبررات غير منطقية ، لان حياة آلاف من العراقيين الكرد متوقفة على هذه الرواتب جراءعملهم ، ثم تم صرف شهر او شهرين بضغوطات سياسية، ما افقد الحكومة الاتحادية حتى بعض الاصوات التي تعارض الى حد ما توجهات حكومة الاقليم، وعدت ان القرار سياسي بالدرجة الاولى ويفتقر الى الروح الانسانية.

كان بالامكان معالجة رواتب موظفي المناطق الساخنة من خلال تسلم رواتبهم من محافظات قريبة، مثلا موظفي الموصل يتسلمون من اربيل بترتيب اداري ، كما ان بامكان الموظفين النازحين الدوام في دوائر الدولة في اماكن تواجدهم وصرف الرواتب لهم من دون الحاجة الى استثناء اعضاء مجالس المحافظات والاقضية والنواحي وبقية الموظفين المساندين..!

من حق الحكومة ان تخشى على اموالها من ان تذهب الى جيوب التنظيمات الارهابية، لكن هذه الخشية ينبغي ان لايدفع ثمنها الموظفون الذين لاناقة لهم ولا بعير في صراعات مفتوحة على احتمالات كثيرة..

آلاف الموظفين سيتضررون من هذا القرار ونحن على ابواب شهر رمضان ، وعلى الحكومة ان تعيد النظر في هذا القرار، لان وراءه بطونا ستجوع فضلا عن انه يقدم خدمة مجانية للتنظيمات الارهابية للتغلغل في هذا الوسط واستغلال معاناته الى اقصى الحدود

بكل المقاييس هو قرار غير حكيم وغير انساني ولن نذهب الى اسوأ احتمالات اسباب اتخاذ القرار، لكن الحكمة تستدعي اعادة النظر بالقرار واتخاذ قرار سليم وآليات مبتكرة لايصال الرواتب الى الموظفين الذين يعدون ايام الشهر يوما يوما لاعالة عائلاتهم ، وعدم تركهم فريسة للارهاب والارهابيين !ِ

 

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة