في ندوة علمية موسعة في جامعة بابل
بابل – نورس محمد:
عقد قسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة بجامعة بابل الندوة العلمية الموسومة (اثر استراتيجيات الاستثمار على تنمية المدن) والتي عقدت برعاية رئيس الجامعة الدكتور عادل هادي البغدادي واشراف عميد كلية الهندسة الدكتور عادل عباس علوان الموسوي بالتعاون مع هيئة استثمار بابل وبمشاركة نخبة من الاكاديميين والمعماريين العراقيين من جامعات بغداد والنهرين والكوت ومشاركة المعمار العراقي الاكاديمي الدكتور موفق الطائي ومسؤولي الحكومة المحلية في بابل وممثلي مؤسسات دوائر الدولة ذات العلاقة وحشد غفير من طلبة قسم الهندسة المعمارية كما اقيم على هامش الندوة المعرض السنوي الثالث لنتاجات طلبة القسم.
وخرجت الندوة بعدد من التوصيات المهمة بعد مناقشة محاورها الرئيسة والتي رفعت الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والهيئة العامة للاستثمار ، اذ اكد المشاركون فيها على ان المعيار الاساس للتنمية هو الجانب النظامي الشمولي وضرورة الابتعاد عن جانب التجزئة بغية التوصل الى تنمية شاملة على وفق مديات متنوعة كذلك اذ لا يمكن ان يكون هناك استثمار الا من خلال تنمية متوازنة لجميع القطاعات ومن خلال استراتيجية واضحة ومحددة تبعا لمدياتها الطويلة والمتوسطة والقصيرة واعادة النظر بجميع الدراسات التي ترتبط بتنمية وتطوير التصميم الاساس لمدينة الحلة والهيكل العام لمحافظة بابل خصوصا ما يرتبط بمركز المدينة للقصبة القديمة ذات الموروث الحضاري الذي يعد الخزين التاريخي للمدينة وعلى وفق نظرة شمولية كذلك تفعيل العلاقة ما بين هيئة الاستثمار والاقسام المعمارية فيما يرتبط بالدراسات والاستراتيجيات المتعددة بغية التوصل الى رؤى واضحة اذ لا يمكن ان تكون هناك خطة استثمارية بعيدة عن اشراك جميع القطاعات وعلى وفق استراتيجيات وخطط واضحة كذلك الزام جميع القطاعات بالقيام بواجباتها وحسب الخطط المعدة بغية ان تكون فرص الاستثمار جاهزة وفعالة .
كما اوصى المشاركون في الندوة بالاستمرار في عقد مثل هذه الندوات كونها مفيدة جدا للمجتمع وبصورة اكثر تفصيلا واعتماد معايير الحكم الرشيد كالعدالة واللامركزية والمشاركة المجتمعية في التوقيع المكاني للاستثمارات المحلية في المحافظات في الخطط الاستثمارية وخصوصا في برامج تنمية الاقاليم كذلك اهمية اضافة عامل المساحة وتنمية العجز في تقديم الخدمات وعامل السكان كمعايير مهمة في التنمية المحلية في المحافظات وضرورة التأكيد على ان الانسان هو اداة التنمية والاستثمار وهو وسيلتها ايضا واعتماد التنمية من الاسفل كأساس لتطوير التنمية المحلية في المحافظات والتأكيد على مشاركة المجتمع المحلي عبر المجالس المحلية المنتخبة في تحديد الاتجاهات الملائمة والتوقيع المكاني المناسب للاستثمارات التنموية المحلية.
وقال عميد كلية الهندسة الدكتور عادل عباس الموسوي ان المعرض يعد فرصة طيبة لرؤية امكانات الكلية وطلبة قسم الهندسة المعمارية الذي يعد من الاقسام الحديثة والذي خرج في العام الماضي الدفعة الاولى منه وكانت دفعة متميزة تملك امكانات رائعة منافسة لامكانات طلبة جامعتي بغداد والنهرين التي تعد اقسامها المعمارية من الاقسام الريادية في العراق ، مضيفا ان الكلية ستعرض امكاناتها على هيئة استثمار بابل والمشاركة في اعمار المحافظة واعداد التصاميم المعمارية الهندسية حيث ان التصاميم المعدة من قبل القسم مساوية في قيمتها مع التصاميم المعدة من قبل الشركات الاجنبية.
من جانبه اكد رئيس لجنة الاستثمار والاسكان في مجلس محافظة بابل اسعد المسلماوي في كلمة له بالندوة على اهمية البحوث العلمية القابلة للتطبيق على ارض الواقع وبحوث تركز على اقطاب المدن ومحاورها ومحاولة النهوض بها من خلال تفعيل الاستثمار وخلق البيئة والمناخ الاستثماري الملائم والتركيز على البنى التحتية التي تمثل نقطة الانطلاق نحو الاعمار والاستثمار وجلب رؤوس الاموال المهاجرة والاجنبية لاقامة المشاريع الاستثمارية التي تسهم في تنمية اقتصاديات البلد ودفع عملية التطور نحو الامام .
ثم بدأت بعد ذلك مناقشة محاور الندوة من قبل اعضاء لجنة المناقشة والمحاضرين المؤلفة من الدكتور حمزة سلمان المعموري رئيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة بابل والتدريسية المدرس المساعد علا عبد علي خليل التدريسية في القسم ذاته والدكتور سعد الجميلي من كلية الهندسة بجامعة النهرين والدكتور صبيح لفتة فرحان الزبيدي من كلية الهندسة بجامعة الكوت.
وتم مناقشة محور الندوة ابتداء مع الدكتور حمزه سلمان جاسم المعموري والمدرس المساعد علا عبد علي خليل بموضوع اثر الاقطاب الفعالة في تنمية المدن والطبيعة التكاملية بين المركز والمحيط(الحلة انموذجا في اطار تنمية السياحة) بغية إن تكون أقطاب جذب من اجل اعتمادها كآلية لتنمية المدن وعلى وفق تدرجية في المستويات.
وقد تمحور البحث من خلال آلية تنمية المدينة استنادا الى سياسة الاستثمار وبالاعتماد على مفهوم السياحة وعلى وفق أنموذج بحثي، اعتمد مدينة الحلة كحالة دراسية ، ظهر من خلالها أسلوب التنمية بما ينسجم مع التحولات التي تمر بها المدينة كجزء من إستراتيجية تنمية البلد ، وعلى وفق توجه بوصفه جزءا من النظام العالمي .
وقد اعتمد البحث فرضية مفادها بان تنمية المدينة يرتكز على تفعيل الأقطاب الأكثر تأثيرا في محاولة الكشف عنها وفي محاولة لتفعيلها واستنادا الى آليه تكامل المركز مع المحيط وتبعا الى كشف القوى الكامنة في المركز والقوى الاخرى التكميلية التي ترتبط بالمحيط
وقد تنوعت الطروحات الفكرية والمعرفية حول آلية تنمية المدن وتطويرها ، باعتبار ان مفهوم التنمية يشكل عاملا اساسا مؤثرا في التأثير على بنيتها التحتية وبنيتها الظاهرة ، يتطرق البحث الى الية تنمية المدينة استنادا الى استكشاف الاقطاب الاكثر تأثيرا ، بغية تفعيلها وعدها الاساس في تنمية المدينة وخصوصا في المدن ذات المـوارد الطبيعيـة .
وتظهر المشكلة البحثية من خلال النقص المعرفي في تلك الطروحات التي تعتمد الية اعتماد الاقطاب الاكثر فاعلية باعتبار ان تلك الاقطاب تتشكل خارج الحدود الواضحة للمدن من خلال الية تسهم في تقوية الاقطاب الاخرى التي تترابط معها من جهة وتسهم في استراتيجية المدينة من جهة اخرى.
وافترض البحث ان وجود الاقطاب الاكثر فاعلية تؤثر في تنمية المدينة من خلال ثنائية المركز والمحيط والطبيعة التكاملية بينهما بما يسهم في تقوية وتفعيل بقية الاقطاب تباعا مما يؤثر اخيرا في رسم استراتيجية تنموية واضحة للمدينة وعلى وفق مفهوم اللاحافة للمدينة.
ووفقًا للاحصاءات، فان احد عشر فندقًا من أصل اثني عشر في محافظة بابل هي فنادق من نجمة واحدة وفندق واحد هو فندق من ثلاث نجوم. وتشير المعلومات التي جمعتها شعبة الاحصاءات أن في مدينة الحلة ثلاثة فنادق سياحية ذات معيار ضعيف جدًا. وباختصار، يبدو ان البنى التحتية السياحية في مدينة الحلة غير كافية لاستيعاب السياح العراقيين المحليين وينعكس ذلك بقدوم السياح العراقيين العالي نسبيًا وذلك بحثًا عن اقامة بكلفة زهيدة. غير أن البنى التحتية تبقى أقل ملائمة لكافة السياح الأجانب. وتشير الارقام لإستعمالات الأرض ضمن التصميم الأساسي لمدينة الحلة الى أن صناعة السياحة ما تزال متخلفة. وفيما يرتفع الاستثمار في المنطقة ليتماشى مع ارتفاع عدد السياح القادمين الى المدينة، حيث تتطور البنى التحتية السياحية وتتوسع العمالة في هذا القطاع بالشكل الذي يجعل من قطاع السياحة رائدا في محافظة بابل من جهة وضمن الواقع الاقليمي والوطني من جهة اخرى.
وقد اعدت مديرية التخطيط العمراني مسودة خطة لأربع سنوات لتطوير قطاع السياحة وبالتعاون مع مديرية السياحة في بابل ضمن تحديث التصميم الاساسي لمدينة الحلة.
وهذه بعض المقترحات الواردة في هذه الخطة متمثلة بالسماح لشركات من قبل الدول المانحة والممولة بتحضير دراسات عملية لمشاريع سياحية مثل فنادق فئة 4 أو 5 نجوم، سعة 100 غرفة ,قرى سياحية فئة 4 أو 5 نجوم ومحطات إستراحة تابعة لمحطات المحروقات الواقعة على الطرقات الرئيسية وإنشاء مطار في محافظة بابل مشابه للمطارات في المحافظات الأخرى وتأمين تمويل لتحضير الدراسات الأولية، عمليات المسح والمخططات الخاصة بهذه المشاريع، وإنشاء، تأهيل، رفع مستوى وتشجير المتنزهات الثلاثة الواقعة في مركز المدينة مع إنشاء مطعم وملاعب للأطفال في كل من هذه المتنزهات، وإنشاء منتجع صحي سياحي قرب مرقد النبي أيوب للإستفادة من المياه الطبيعية فيه، وإنشاء معهد تدريب في مجال السياحة في مدينة الحلة وتأمين دورات تدريبية للموظفين داخل العراق وخارجه (الحصول على الدعم الخارجي لإنشاء هذا المعهد وإعادة تأهيل ضفتي شط الحلة وذلك ببناء وتأهيل كورنيش على كل من ضفتيه، وتجهيزها بمواقع خاصة مثل مطاعم السمك، مطاعم الوجبات السريعة، محال بيع المنتجات الحرفية المحلية، صالات العرض الفنية، المنتزهات العامة، الخ…. وذلك لتمكين قوارب النقل النهري من العمل بين مدينة الحلة والنواحي والأقضية الأربع في محافظة بابل والتي يمكن الوصول إليها عبر النقل النهري، وإنشاء فنادق عدد 2 على مستوى خدمة عالمي، الأول قرب المقر السابق لحزب البعث والثاني في المقر السابق لمديرية الأمن،Iإنشاء قرى سياحيه وإنشاء متحف أثري في مركز مدينة الحلة، وإستملاك أحد البيوت القديمة والتاريخية في المنطقة القديمة التاريخية لمدينة الحلة وإعادة تأهيله وتحويله إلى متحف حيث يتم فيه عرض منتجات يدوية حرفية محلية وإقليمية، وان هذه المقومات وحسب رؤية البحث لا تعد البديل عن آلية الاقطاب الاكثر تأثيرا والتي تعتمد على المناطق شبه الحضرية كمكان لتموضعها وعلى وفق مفهوم اللاحافة .