صدرت حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر رواية جديدة للكاتب سليم بركات بعنوان «ميدوسا لا تسرّح شعرها»، جاءت في 225 صفحة.
تحكي الرواية، وفقًا للناشر، عن جماعة من البشر الرَّحالة المتنقلين بين «الأمكنة اللازمنية»، فيهم عمال، ورسامون، وراقصون، ومعماريون، وفلاسفة، يزورون كهف ميدوسا، لكنهم لا يخرجون. المعماريون هم آلهة في اختصاصات ليست في الهندسة والبناء، بل بما هُم عليه في أساطيرهم (يُعرفون من أسمائهم في الرواية). الفلاسفة أرباب مذاهب معروفة: سفسطائية، رواقية، سينيكية (يُعرفون من أسمائهم في الرواية)، يدفعون المحاورات إلى الجنون. مع الرحالة مهرِّجان وأنثى واحدة وحيدة، تحمل في محفَّتها شيئًا تنقله جماعتهم من كل مكان ينزلون فيه إلى مكان آخر يقصدونه في رحلاتهم. هي المرأة الوحيدة التي سيتسنى لها أن تغادر الكهف الذي ينضم إليهم فيه الملك بيرسيوس بأربعين رجلًا من أتباعه، زائرًا يستقصي بفضوله أمرَ المرأة النصف الإنسانة، والنصف الأفعى، ثم يهمل ما يبحث عنه فعلًا، لأنه يستعذب بقاءه في الكهف، وهو يصف لميدوسا أنواع المدن، حتى يغدو وصفه وسواسًا عندها: إنها تريد بناء مدينة داخل كهفها. والأجواء الغريبة رحبة في هذه الرواية، إلى جوار تفاصيل الفلسفة والسحر والخوف والعزلة: هنالك حمائم في الكهف لها أجسام من نار ملتهبة، حَمائمُ مصابيح تنير الكهف بطيرانها في كل موضع منه. وفي الكهف بومة من البلور تشرف على هندسة الإضاءة بتوزيعها الحمائم المصابيح توزيعًا لا خطأ فيه. وهناك بالطبع حكاية الأمشاط التي تفجِّر كل شيء في الرواية.
يضيف الناشر: إحدى عشرة هُنَّ بنات ميدوسا، ولهن أسماء الآلهات في الأساطير. ولكل واحدة اختصاصها. وفي الكهف أجنحة كثيرة، منها جناح الحديقة التي لا نباتات فيها، بل تماثيل مخلوقات مركَّبة الأجسام. وهنالك جناح المزرعة لتربية الأفاعي على أنواع كثيرة، منها ما يؤكل، وما تُستخدم جلودها للزينة، من جمال نقوشها. وأيضًا، جناح زينة ميدوسا، ومخدعها ومخدع بناتها، وجناح النزلاء الرحالة.
وفي التعريف بالرواية على الغلاف الخلفي، نجد قلْبًا للأدوار، عكس الأسطورة الإغريقية: (لا يُحيل بصرُ ميدوسا البشرَ إلى حجارة في هذه الرواية، ولا تستحيلُ هي حجرًا إن نظرتْ إلى مرآة. أسطورتُها هنا ليست الأسطورة الإغريقية. جموعٌ تدخل كهفها، لكنْ لا يخرج أحد. هم يُسخَّرون لبناء مدينة هي أُمُّ كل عمارة أنجزها الإنسان: مدينة داخلَ كهفٍ).
في الرواية، يستمر بركات في تسمية الفلاسفة بـ»المناطقة»، لكن تبدو «مخاطباتهم» أقرب إلى السخرية من كل منطق. ويستمر في تسمية محاوراتهم بـ»المخاطبات»، التزامًا بالتعبير القديم الذي يخص الفلسفة، وعلوم الكلام والمنطق.
- عن ضفة ثالثة