أحلام يوسف
في سن معين وتحديدا سن ما بعد البلوغ، يكون المراهقون بأمس الحاجة الى الاحتواء، ان يحتضنهم أحد مقرب اليهم، ليكون ملازما لهم بكل خطواتهم، لكن بطريقة لا تشعرهم بأن هذا الشخص رقيب عليهم.
يحتاجون الى من يجيبهم اسئلتهم بغض النظر عن عمقها او سذاجتها، فلو اننا تبادلنا المواقع، وتذكرنا حاجتنا لشخص متفهم للحيرة التي تنتابنا بهذا العمر، واسئلتنا الأكثر حيرة والتي تحتاج الى من يجيب عنها ويضعها بمكانها المناسب، لكنا تعاملنا معهم بالصورة الأنسب والأصح.
يقول حسن الجبوري الباحث بعلم الاجتماع ان الخوف يتملكنا بهذا العمر، نخاف الخطأ لئلا نتعرض الى التأنيب او الى عقوبة شديدة، حتى ولو بكلمة، لان المراهق تؤذيه الكلمة أكثر من غيره، وتؤثر عليه نفسيا، لذا فهو متحير لا يعرف كيف يتعامل مع الأمور كي يجنب نفسه الخطأ ويضمن النجاح.
ويضيف:
الانسان بعد ان يصل الى عمر معين يجد ان كل الأخطاء التي يمكن ان يرتكبها المراهق أخطاء بسيطة، لا تصل درجة الجرم، فلماذا هذا التشديد؟ علينا ان نخبرهم ان الخطأ امر اعتيادي، المهم ان لا نرتكبه عمدا، وان نصححه فيما بعد، فالخطأ الأكبر، ان لا نقع بالخطأ ابدا لان ذلك يعني اننا لا نفعل شيئا في الحياة.
ويتابع:
بعض العلماء المعروفين اليوم، اخطأوا وفشلوا ببعض تجاربهم مئات وعشرات المرات، لكن كل خطأ كان بمنزلة درس تعلموه لتفاديه في المرة المقبلة، المراهق يعيش حالة تخبط وتشويش فهو يمر بمرحلة انتقال من مرحلة الطفولة الى مرحلة أخرى، تحدث تغييرات جسمانية ونفسية عليه يجب علينا مراعاتها، وان نحجم من أي خطأ يرتكبونه لا ان نعظمه، فهم يحتاجون الى كل كلمة طيبة والى قلب وعقل يحتويهم، لكن من دون تبرير للخطأ.
هناك نقطة مهمة وخطيرة يعاني منها المراهق وهي التأثر بآراء الاخرين بشأنه او بشأن أي امر اخر، اليوم نحن نلوم أنفسنا لأننا كنا كذلك، لكن وكي لا يتعرض الاخرون الى حالة اللوم نفسها مستقبلا، علينا ان نخبرهم بما كنا نتمنى نسمعه ممن حولنا، وهو ان لا نسمح لاحد ان يملي علينا آراءه، هذا ما ذكره الجبوري الذي تابع:
يجب تنمية مهارات عدة في أبنائنا أولها واهمها الاستقلالية، استقلالية التفكير، والشجاعة بإبداء الرأي والاعلان عنه من دون خوف، ونعزز ذلك داخلهم من خلال مبدأ ان لكل منا رأي، ولكل منا عقل، لا يتشابه ولا يتواءم مع عقول وأفكار الاخرين، قد تتشابه ببعض النقاط، ولكن لا يمكن لها ان تكون مستنسخة. تكفي تلك الفكرة لان يتولد لديهم اعتزاز بأنفسهم وافكارهم، بغض النظر ما إذا كانت تتوافق مع اراء الاهل ام لا.
أخيرا.. كن انت ولا تكن غيرك، انت ولدت بمهارات عليك استثمارها بالصورة الصحيحة، لا تبددها رغبة منك لاكتساب مهارات غيرك، ولدوا في ظروف مختلفة، وعاشوا حياة مختلفة، فلا تكن نسخة عن غيرك، بغاية إرضائه. انت أجمل بكونك انت، فان اردت ان تكون شخصا اخر، قد تصير مسخا….لا اكثر.
كن لغيرك اذا اردت ان يكون غيرك لك
التعليقات مغلقة