بعد أن اصبح ترشحه حجر عثرة امام اكتمال تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد ان رمى ممثلي كتلته (البناء) كرة ترشيحه بملعب رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي بوصفه من اختار السيد فالح الفياض لحقيبة وزير الداخلية في تشكيلته الوزارية؛ يصبح امر هذا الترشح اقرب الى الاحجية والطلاسم منه الى آليات العمل السياسي المعروفة والمجربة. بالرغم من ادراكنا لعلل مثل هذه التجاذبات والتنافرات، ونوع المعايير البعيدة عن المسؤولية والمهنية في اختيار الاشخاص المناسبين لمثل هذه المواقع الحساسة؛ فاننا لا نشك لحظة واحدة بان وجود الفياض أو غيره بمثل هذه المواقع لن يغير شيئاً في ركود وضحالة المشهد الراهن، والفياض نفسه قد جرب في العديد من المواقع الحساسة في مجال الامن والدفاع، وكذلك في مجال الدقلات الحزبية والسياسية، ومن سيحل بديلا عنه في الترشح لهذه الوزارة الحساسة والخطيرة، سيكون اميناً لتقاليد اسلافه في هذا الموقع، ولن يلحق ادنى ضرر بشبكة العلاقات وموازين القوى فيها، وهذا ما لا يمكن الشك فيه. كما ان سير الاحداث والمعطيات الفعلية تؤكد مجدداً على ان هذه الكتل جميعها ومن دون استثناء، تشترك بموهبة اهدار الوقت والامكانات والفرص، في وقت البلد واهله بأمس الحاجة الى الاسراع بتشكيل الحكومة، والشروع باعادة بناء وصناعة عراق ما بعد داعش والعسكرة والتشرذم والهوان. ان الاصرار على شخصنة المواقف في مثل هذه المحطات الخطيرة من تاريخ هذا الوطن المنكوب، ومن قبل جميع الاطراف (المصرون على الفياض والرافضون له) والمتأرجح بينهما، السيد عبد المهدي والذي عجز عن ممارسة ما وعد به من مواقف وادوار؛ يدلل على ان القوم جميعاً لا يمكن أن يحيدوا عما جاء في المثل المعروف (الطبع غلب التطبع)، وهذا ما نضح من اول خطوات حكومة لم يكتمل تشكيلها، بالرغم من مرور ستة أشهر على اجراء الانتخابات البرلمانية.
في البحث عن الجهة التي رشحت السيد فالح الفياض لحقيبة اخطر وزارة في الظرف الراهن (الداخلية) يتوجب علينا تعقب اثر ودور المعايير والقوى المهيمنة على مشهد عراق ما بعد 2003، شبكة المصالح والنفوذ (المحلية والاقليمية والدولية) التي تقف خلف غالبية هذه الاسماء والعناوين التي تورمت بعد الفتح الديمقراطي المبين. والسيد الفياض لم يشذ عما هو سائد وحسب، بل يمكن القول انه من اللاعبين الماهرين والمستوعبين لقواعد اللعبة. هذه اللعبة التي ستدفع بالعراق واهله الى المزيد من الهزائم والكوارث على شتى الجبهات المادية والقيمية. وهذه المعايير وهرم الاولويات المعتمد من قبل الطبقة السياسية الحاكمة بكل يافطاتها وعناوينها، ستواصل ادارتها لتوزيع وتقاسم الحصص مع هذا المرشح او ذاك، من دون ان تترك مثل تلك الفزعات الفاشوشية ادنى أثر على الحصاد النهائي لذلك. وما ادعاءات التغيير والبناء والاصلاح الا جزء من مستلزمات ادامة وترسيخ نفوذها وهيمنتها على ما شفطته من اسلاب الغنيمة الازلية، فلا علاقة لهم جميعاً بكل ما يتعلق بهذه الشعارات المتنافرة وقيم اللصوصية والشعوذة وضيق الافق. اذن لا داعي لكل هذا الصخب والضجيج والعجاج المتصاعد، عن مسرحيات صراعاتكم البائسة، وعن نوع البدائل والعطابات التي تقدمونها، فالنتيجة محسومة دائماً لصالح المزيد من الكوارث والخيبات والمحن…
جمال جصاني
الفياض مرشح من..؟
التعليقات مغلقة