الصباح الجديد- متابعة:
في السادس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي قامت قوات البيشمركة بتعزيز خطوطها الدفاعية في مدينة بردي (التون كبري) شمالي كركوك لمنع تقدم القوات العراقية باتجاه أربيل، وفي إطار الخطة الدفاعية المتبعة تم تفجير الجسر الواقع على الطريق الرئيس بين أربيل وكركوك.
تفجير الجسر قطع الطريق الواصل بين أربيل وكركوك تماما وتعرض التنقل بين المحافظتين لإشكالات عديدة، إذ كان لا بد للراغبين في التنقل من أربيل إلى كركوك وبالعكس استعمال الطرق التابعة لكويسنجق او الدبس والتي حولت مسافة دقائق إلى ساعات عدة.
وفي نهاية المطاف اتفق الطرفان قبل أيام من عيد الأضحى على فتح جسر حديدي بدل الجسر المدمر في التاسع عشر من آب (أغسطس) الماضي الى حين إصلاح الجسر القديم تماما. وأفاد مصدر في شرطة مرور كركوك بأن الجانبين العراقي والكردي لم يوافقا على تحمل تكاليف إصلاح الجسر وقد قررا أخيراً إصلاحه على نفقة صندوق القرض الدولي بمبلغ 220 مليون دينار عراقي.
المصدر في مديرية شرطة مرور كركوك قال أيضاً: انه “بعد فتح الجسر من المقرر ان تخصص وزارة الاعمار الاتحادية والحكومة العراقية مبلغ مليار دينار إضافياً لإصلاح الطريق بالكامل”.
بالتزامن مع ذلك قال عبدالخالق طلعت المدير العام لشرطة اربيل إن “الجسر الذي أعيد بناؤه لا يتسع الا لمرور السيارات الصغيرة وسيتم فتح طريق لمرور الشاحنات قريبا”.
وأضاف “حسب الخطة التي وضعناها لإصلاح الجسر بالكامل سيتطلب الامر حوالي ستة اشهر وان مديرية شرطة مرور كركوك هي المسؤولة عن للقيام بتلك المهمة”.
وبني الجسر عام 1984 بطول (128) مترا وعرض ثمانية امتار وقد ادى تفجيره الى انهيار (36) مترا منه.
ومثل تحديد مواقع لإقامة نقاط تفتيش على طريق كركوك اربيل احد نقاط الخلاف بين وفدي الحكومة المركزية والاقليم قبل ان يتفق الجانبان أخيراً على اقامة نقاط التفتيش في موقع واحد بحيث يفصل بينها حاجز كونكريتي.
فإذا أردت زيارة كركوك آتيا من أربيل فأن عناصر الشرطة التابعة لإقليم كوردستان سيقومون بتدقيق هويات المواطنين وتفتيش السيارات اما اذا كنت تعود من اربيل الى كركوك فان الشرطة الاتحادية العراقية ستتولى عمليات التفتيش في نقطة تفتيش بردي، الامر الذي أصبح محل سخرية بعض المواطنين الذين أطلقوا على الحاجز الكونكريتي الذي يفصل بين القوات الامنية التابعة للحكومة المركزية وإقليم كوردستان اسم جدار برلين.
وقال اللواء شاكر كوين قائد عمليات الشرطة الاتحادية العراقية في كركوك وعضو وفد الحكومة المركزية الرفيع في مؤتمر صحفي: “تم ابرام اتفاق بين الحكومة المركزية والإقليم يقضي بأنه لا يحق لأية قوة التواجد في نقطة التفتيش المشتركة بين كركوك واربيل عدا الشرطة الاتحادية وشرطة الإقليم”.
وفضلا عن ان طريق اربيل كركوك يعتبر طريق المرور الرئيس بين اربيل ومحافظات كركوك والسليمانية الا انه يعد ايضا طريقا تجاريا مهما بين اقليم كوردستان واجزاء العراق الاخرى، لذلك تقرر اقامة نقطتين للجمارك على طريق كركوك السليمانية وكركوك اربيل ومن المقرر يبدأ عملهما بعد الثامن والعشرين من آب (اغسطس) حسب ما قاله محافظ كركوك وكالة في بيان لديوان المحافظة نشر في التاسع عشر من آب.
وقال جمال مولود عضو مجلس محافظة كركوك انه “بالتأكيد ستتم اقامة نقطتين للجمارك ولكن لم يتم ابلاغ مجلس المحافظة بتفاصيل النقطتين”.
واضاف مولود وهو عضو في لجنة المالية والاقتصاد في المجلس: “ستؤدي اعادة افتتاح الطريق الى انعاش القطاع السياحي وتنقل السلع التجارية بين أربيل وبغداد”.
وقد ظهر بالفعل تأثير اعادة فتح الطريق سريعا، اذ توجه اكثر من (19) ألف شخص خلال اول ايام عيد الأضحى فقط الى محافظة أربيل عبر طريق بردي.
ويرى الكثيرون أن إعادة فتح الطريق فضلا عن الناحية التجارية والسياحية سيكون له تأثيرات كبيرة على العلاقات بين بغداد واربيل وسيقرب الحكومتين من بعضهما أكثر.
وقال ابراهيم فهمي الذي يدرس الماجستير حول “تأثير الأحداث السياسية على هوية كركوك” قال “حاولت حكومة اقليم كوردستان التمرد على الحكومة المركزية، ولكن لم يتسن لها ذلك، ففجرت الطريق بين اربيل وبغداد، وتأتي مبادرة اقليم كوردستان لاصلاحه بمعنى العودة الى بغداد وإعادة بناء العلاقات السياسية بين الجانبين”.
وأوضح إن “إصلاح الطريق قسم المواطنين الى قسمين اذ يعتبره المنتمون للزون الأصفر عودة مبدئية للحزب الديمقراطي الى كركوك، في حين يعتبره المنتمون للزون الأخضر فشلا لمنافسهم الحزب الديمقراطي ولكن ليس من الواضح حتى الآن أيهما سيكون”.
وقال آرام الملا علي وهو احد كوادر الحزب الديمقراطي الذي كان طالبا في كلية التربية الرياضية في جامعة قلم في كركوك ونزح الى محافظة أربيل بسبب أحداث السادس عشر من تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، قال “لم يبق لنا امل بالعودة الى كركوك مرة اخرى لذلك ثبتنا مكان إقامتنا في اربيل، ولكن بعد اصلاح جسر بردي وعودة شرطة الإقليم الى الناحية نحن متأكدون من اننا سنعود الى كركوك بهيبة”.
في المقابل ينتقد كوادر الاتحاد الوطني في كركوك مؤيدي استفتاء الخامس والعشرين من ايلول (سبتمبر) الماضي قائلين ان فتح طريق كركوك اربيل هو بمثابة عزل كركوك عن اقليم كوردستان.
وكتب ظاهر شكور نائب مسؤول مركز تنظيمات الاتحاد الوطني في كركوك على صفحته الشخصية ان “احد أهداف الاستفتاء بدأ بفتح النقطة الجمركية في بردي اذ رسم ذلك حدود اقليم كوردستان رسميا وبيعت كركوك الى الابد”.
لا يزال كورد كركوك ينتظرون ما الذي ستغيره اعادة افتتاح الجسر من حياتهم، فمنهم من يرى انه سيعيد ربط كركوك بمركز السلطة الكوردية في اربيل، فيما يرى اخرون ان وضع كل تلك النقاط التفتيشية على الطريق اشارة الى ان كركوك لن تصبح مرة أخرى جزءا من كوردستان.