سمير خليل
معروف ان النقابات المهنية هي تشكيلات، مهامها احتضان وتبني ورعاية منتسبيها، والدفاع عن مصالحهم، وهذا الحال واضح في دول العالم على اختلاف عقائدها ونظمها.
ولان الفن بوصفه نشاطا ابداعيا وفكريا يطهر النفوس، ويعنى بالمشاعر والاحاسيس، فانه يكسب تميزا خاصا تسلط الاضواء بموجبه على الفنان بوصفه الوهج الذي يضيء فضاءات الابداع.
على مدى عقود طويلة كان الفن العراقي في الطليعة عند مقارنته مع نظيره العربي، وليس ادل من ذلك الاسماء الرائدة والخالدة التي طرزت سفر الفن في بلاد وادي النهرين، حيث ان استعراض هذه الاسماء يحتاج مساحة اكبر من صفحتنا الصغيرة هذه.
ومنذ تأسيسها عام 1969 الى يومنا هذا وتعاقب نقباء الفن في العراق وتزايد اعداد منتسبيها الذين يعدون بالآلاف، والنقابة تقف في الصف الثاني من نظيراتها الإبداعية، واقصد هنا الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ونقابة الصحفيين العراقيين، هذا بالرغم من ان نقابة الفنانين وطوال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق، كانت واجهة تعبوية لإقامة المهرجانات والاحتفالات التي كان يقيمها ذلك النظام، كما ان جميع النقابات المهنية في العراق كانت تعتمد في تمويلها بنحو اساس على الدولة، إضافة للاشتراكات التي يدفعها عضو النقابة كل سنة او سنتين . بعد العام 2003 شهدت الحياة في العراق ارباكا بكل مفاصل هذه الحياة، لكن اكثر النقابات العراقية بدأت تلملم شتاتها وعادت لعملها شيئا فشيئا الا نقابة الفنانين التي كانت تسير كالسلحفاة وسط هذا البحر المتلاطم، إضافة الى انها واجهت تهميشا واهمالا كبيرين، وخاصة من الحكومات المتعاقبة على الحكم، لكنها شهدت استقرارا ملحوظا عندما تولى النقيب المنتهية ولايته صباح المندلاوي مهام النقيب، ومما ساعد على هذا الاستقرار شمول الفنانين بالمنحة السنوية (رغم ضآلتها)، وكذلك الشروع بتوزيع الاراضي السكنية على البعض منهم، الى ان توقفت هذه المنحة مع احتلال داعش الارهابي لأراض عراقية، ودخول البلاد تحت دوامة التقشف الذي طال تأثيره ايضا شريحة الادباء والفنانين والصحفيين، لكن تأثيره كان اكبر على الفنانين بعد توقف الانتاج الفني في عموم البلاد، ليدخل اغلبهم تحت رداء العوز المادي، إضافة لتوقف مشروع توزيع الاراضي السكنية.
ومما زاد الطين بله ان الحكومة الغت اي دعم مادي مخصص للنقابة، وهذا الامر انسحب اكثر على فروع نقابة الفنانين في المحافظات الذين توقف نشاط اغلبهم تماما بسبب هذا التقشف.
اليوم تلبس نقابة الفنانين حلة جديدة بعد تولي كوكبة شابة مهام ادارة النقابة، وسط تفاؤل كبير بالبرنامج الانتخابي لهذه الاسماء اللامعة في الوسط الفني، والتي حصدت النسبة الاعلى من الاصوات الداعمة للتغيير والتطوير. ويقع على عاتق الفنان الدكتور جبار جودي وزملائه في مجلس وشعب النقابة عبئا ثقيلا بالعمل لوقوفها على ارضية صلبة واعادة الاهتمام والدعم للفن والفنانين، وعودة النقابة وفروعها في المحافظات للإشراف على جميع النشاطات الفنية في العراق، وبكل اشكاله، إضافة الى رسم خارطة طريق للفن والفنان العراقي، كي يستعيد مكانته وبريق القه، واهتمام الدولة والحكومة المقبلة به.
ونحن على يقين ان الزملاء في المجلس المركزي وشعب النقابة وبتعاون جميع اعضائها سيكونون عند حسن الظن، خاصة وانهم بدأوا العمل بوقت مبكر وحال اعلان فوزهم بالانتخابات.