كوكب البدري
ظمأى وذا نهرُ الحياةِ يسيحُ
حتامَ تطحنني الرّحى وتُبيحُ
وإلامَ تبتهلُ السّنابلُ خَشيةً
من ملحِ أرضٍ خيرُها مسفوحُ
من خوفِ نهر سرمديٍّ جَريّهُ
أو صمتِ موجٍ دمعهُ مبحوحُ
هل يحتويني من رمادِ جداولي
غصنٌ يغرّدُ للنّدى ويبوحُ
هل لي إلى رئة الوجود بمركبٍ
في سيّره جود الرّياحِ يلوحُ
أرضٌ أنا غُمِرتْ عذاباً وارتدتْ
وطناً يدثّرهُ المدى المذبوحُ
ويُصافحُ الطّعناتِ نزفُ شموخِهِ
َونخيلُهُ قد مضّهُ التّبريحُ
يبستْ مواويلُ الضّفافِ تحسّرا
فلمن تفرّ إلى النّجاة جُروحُ
ولمن أطمْئنُ من بقايا أمّتي
وجداولي أزرى بها التّمليح ُ
مطعونةٌ كلّ العيونِ لحزنِها
مادام دجلةَ كاليتيمِ تنوحُ
أفَهَلْ يطولُ عطاشُهُا وتوَجُّسي
ومياهُها من دأبها التّسبيحُ؟
أفهل أطوفُ على الطّغاةِ بيتمِها
أنبيهمو أنّ الحسابَ صريحُ
إنّ المنابعَ أقسمتْ أيمانها
ستَفيضُ تحت عروشِهم وتُطيحُ
وتعود صوب ظلالها مزهّوةً
فالغيثُ من كفّ السّماءِ فتوحُ
لأظلّ عندَ النّهر ِمثلَ وصيةٍ
مغروسةٍ لم تلهُ فيها الرّيحُ
وأظلّ حارسةَ الضفافِ وموجِها
وعيونُ دجلةَ تفتديها الرّوحُ