ناشطون ومثقفون ومتخصصون يطالبون بحلول لها
بغداد – زينب الحسني :
ناشطون ومثقفون ومختصون يطالبون الجهات المعنية بأيجاد حلول لمشكلة الكهرباء في البلاد، اذ كشف الارتفاع الكبير في درجات الحرارة خلال فصل الصيف الجاري في العراق، عجزاً حكومياً هائلا عن توفير الخدمات الأساسية للسكان ، سيما خدمة الكهرباء التي تنقطع بشكل متكرر خلال اليوم ولساعات طويلة ، الأمر الذي يفاقم من معاناة المواطنين ، في ظل عجز الحكومة عن إيجاد حل جذري لهذه الأزمة المستمرة برغم من تخصيص أموال طائلة لتطويرها.
الاعلامي محسن الناصري رأى بأن أزمة الكهرباء في العراق باتت حالة عامة يعاني منها الشعب ولا ينتظر الخلاص منها في القريب العاجل ، سيما في ظل الفساد الكبير الذي يشوب هذا القطاع ، وتعامل الحكومات المتعاقبة مع الأزمة بخطوات وحلول ترقيعية لا استراتيجية ، تسببت في هدر مليارات الدولارات من أموال الشعب العراقي من دون جدوى .
واكد الناصري أن انقطاع التيار الكهربائي في معظم المحافظات العراقية يصل الى ساعات طويلة يومياً، مما جعلها تتزايد معاناة المواطنين جراء هذا الانقطاع خاصة في فصل الصيف وفي ظل درجات الحرارة المرتفعة، كما تتسبب أزمة الكهرباء في تعطيل مصالح المواطنين الذين تعتمد حرفهم ومحالهم التجارية بشكل كبير على الطاقة الكهربائية.
واضاف « خلال الأعوام السابقة سجلت خروقات كبيرة في عقود الكهرباء تمثلت في التعاقد على محطات توليد لا تتناسب والأجواء العراقية، أو شراء قطع غيار بمبالغ طائلة ظهر أنها غير مطابقة للمواصفات، أو التعاقد مع شركات غير متخصصة أو وهمية لصيانة محطات الطاقة وأبراج النقل.
حلم بعيد الامل
الأكاديمي ستار عواد عبر عن رأيه قائلاً، كل الكتل السياسية ليس لديها اي هم سوى الحصول والتفاوض على حصصها من الوزرات ذات الميزانيات الكبيرة من دون الاهتمام للمواطن الذي يعاني في هذا الصيف انقطاع في الكهرباء. اسوأ حالات العيش التي يمر بها المواطن الان، ارتفاع كبير بدرجات الحرارة، وشركات الخصخصة تخلت عن تزويد المواطن بالحصة الكافية. المشكلة كبيرة جداً وحلم استمرار التيار الكهربائي أصبح بعيد الامل.
سبب تردي الكهرباء سياسي
القانوني سلام مكي قال: يخطأ من يظن ان انعدام الكهرباء في العراق، مرده الى عدم وجود تخصيصات مالية او عدم وجود بنى تحتية تمكن الدولة من توفير الكهرباء لمواطنيها، ذلك ان المبالغ التي صرفت على هذا القطاع يمكنها توفير الكهرباء بشكل مستمر لأكثر من دولة، إضافة الى المكانة التي تحظى بها وزارة الكهرباء من توفير جميع الاحتياجات المالية لمشاريعها وان موظفيها تصرف لهم رواتب تعد هي الأعلى من بقية الوزارات. مشكلة الكهرباء: سياسية، وتتمثل بعدم وجود إرادة حقيقية لدى الأحزاب والكتل التي تولت مسؤولية الكهرباء منذ سقوط النظام ولحد الآن، عدم وجود إرادة في تحسين واقع الكهرباء. ومن جانب آخر، فإن تلك الأحزاب حين تكون وزارة الكهرباء من حصتها، فإنها تعمد الى ترشيح شخصيات لا علاقة لها بهذا القطاع، شخصيات غير مختصة بالكهرباء، تجعلها مسؤولة عن اهم قطاع في البلد.
وأضاف مكي: للأسف، العراق تخلص من شر داعش ولكنه لم يتخلص من مشكلة الكهرباء التي لا تقل خطورة عن الإرهاب، فانقطاع الكهرباء يسبب مشكلات اقتصادية واجتماعية حتى داخل الاسرة الواحدة. ذلك ان الكثير من المصانع والشركات الحكومية تعتمد في عملها على الكهرباء والانقطاع المستمر لها يعني موت تلك المصانع وتسريح موظفيها والتسبب بخسائر جسيمة للاقتصاد العراقي بصورة عامة.
كما ان انقطاع الكهرباء في ظل الحرارة العالية، مع وجود عائلات لا قدرة لها على توفير البدائل، يسبب في مشكلات صحية للأطفال ونفسية للكبار.
وإزاء هذه المشكلة، شهدت بعض المدن تظاهرات امام مقرات وزارة الكهرباء، للمطالبة بوضع حد لهذه المشكلة الأزلية، لكن ما تبع تلك التظاهرات هو زيادة ساعات القطع والعشوائية في إعطائها، حيث تقطع في أوقات متقاربة جداً وتعاود من جديد، حتى ان الحصة المقررة رغم قلتها لا تمنح بشكل كامل. مشكلة الكهرباء للأسف، لا يمكن حلها بمعزل عن بقية المشكلات، فهي مرتبطة بطبيعة النظام السياسي الذي يصر على نظام المحاصصة التي ينتج لنا وزراء غير قادرين على حل المشكلات التي يعاني منها أبناء الشعب.
وعلى مدى السنوات الماضية، تعاقب وزراء عديدون لإدارة ملف الطاقة، وتم توقيع الكثير من العقود الاستثمارية للنهوض بهذا القطاع، لكن من دون تحسن فعلي.
مشكلة طويلة الأمد
الاكاديمي محمد فليحي الموسوي قال : لا شك انها مشكلة وليست ازمة كنا نسميها سابقاً ازمة لكون الازمة قصيرة الأمد اما اليوم فهي مشكلة لأنها امتد على طول سنين والى الان لم نجد حلا لهذه المشكلة، وهذه المشكلة مرتبطة بمشكلات عدة يعاني منها العراق وأول هذه المشكلات هي الفساد والمحاصصة المرتبطة مع بعض ،وسيطرة الأحزاب وتولي المسؤوليات لشخصيات غير كفؤة وغير نزيهة أدى لهذا الفشل في جميع الخدمات وليس الكهرباء فقط ، ولكن الكهرباء تبدو اكثرها ايذائاً لأنها ضرورية للحياة بل أصبحت الحياة نفسها ، فأن توقفها هو توقف الحياة .
وأضاف: ان من يقودون الوزارة يفترض بهم ان يشعروا بالحس الإنساني والشعور بالمسؤولية ولم يعملوا 15طوال سنة لمعالجة هذه المشكلة. وهذه من عجائب العراق اذ لاتوجد دولة في العالم تعاني من الكهرباء مثل العراق وفي ظل نظام يدعي بانه ديمقراطي وجاء لخدمة الناس المحرومين والمظلومين من سياسات النظام الدكتاتوري السابق فالمفروض اول ما يعالج في هذا البلد هو توفير الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء ان المدة الطويل تدل على الفشل والاخفاق والفساد الذي يحكم هذه الوزارة وغيرها من الوزارات هذا جانب اما الجانب الثاني وهو الأموال الطائلة الكبيرة التي صرفت وتقدر بخمسين ملياراً اين ذهبت؟ وهل يوجد حسيب أورقيب؟ او جه تدقق في صرف هذه الأموال من دون نتيجة؟ فكيف تصرف هذه الأموال الكبيرة على الكهرباء ولم توفر هذه الخدمة للمواطنين؟ ويبدو انها لن توفر خلال السنوات المقبلة .
وفي أحد البرامج شاركت مع وكيل وزارة الكهرباء في رمضان وطرحت عليهم هذا السؤال وقلت لهم أعطوا وعداً للمواطن كم يتطلب من الوقت حتى تحل مشكلة الكهرباء قال لا يوجد موعد محدد وانما القضية مفتوحة وقد تستمر الى ما لا نهاية وهذه كارثة حقيقة وتدل على ضعف الدولة وضعف الرقابة.
فساد الوزير هو السبب
في حين حمّل عضو مجلس النواب السابق عامر الفايز ، وزير الكهرباء قاسم الفهداوي فشل مشروع خصخصة الكهرباء وتحريف القانون المقر من قبل البرلمان، مبيناً ان الوزير تعاقد مع شركات لغرض الجباية فقط وهناك صفقة فساد كبيرة فيه.
وقال الفايز إن “ملف الطاقة الكهربائية ملف كبير متورطة فيها جهات سياسية داخلية وخارجية تعمل على عدم انتهاء هذا الملف وإبقائه مفتوحا”.
وأضاف أن “أخر ملفات الفساد الذي تتحمله وزارة الكهرباء هو قانون خصخصة الكهرباء الذي نجح في اغلب دول العالم”، مشيراً الى ان “القانون الذي اقره البرلمان يشمل خصخصة الكهرباء من توليد وتوزيع وجباية”.
وتابع ان “وزير الكهرباء قاسم الفهداوي حرف القانون ووقع عقود لخصخصة الكهرباء مع شركات للجباية فقط من دون مسؤوليتها عن التوزيع والتوليد”، مشيراً الى ان “الوزارة حولت رواتب موظفي الجباية في الوزارة على الشركة المستثمرة”.
وأوضح ان “الخصخصة في العراق لا تتعدى الجباية والاستفادة مما افشل المشروع من قبل الوزارة”.
وكانت الحكومة قد أعلنت في 2017 البدء بخصخصة الكهرباء ووجهت المحافظات بالترويج للمشروع متعهدة بتوفير الطاقة الكهربائية على مدى 24 ساعة في عموم العراق الا ان المشروع لاقى فشلا كبيراً في توفير الكهرباء مما يدل على الزيف الكبير في المشروع.
وتشهد العديد من مناطق العاصمة المشمولة بالخصخصة انقطاع التيار الكهربائي لعدة ساعات فضلا عن ارتفاع أسعار الجباية فيها ، واعادة خطوط المولدات الاهلية ، الامر الذي اثر على الواقع المادي للمواطن .
يشار الى ان مجلس النواب صوت، العام الماضي على مشروع قانون استثمار وخصخصة الكهرباء بالموافقة من قبل 199 نائباً لصالح القانون.