نينوى/ خدر خلات:
الامهات السنجاريات الايزيديات معروفات بقوة تحملهن للظروف والصعاب، بسبب قسوة البيئة والمناخ المحيطة بسنجار، وبسبب موقع سنجار الاستراتيجي الذي يعد معبرا مهما للغزاة القادمين من اطرافها الاربعة على مر التاريخ.
اجتياح سنجار من قبل تنظيم داعش في الثالث من آب الجاري، يفوق كل التجارب التي مرت على سنجار عبر تاريخها المليء بالحزن وحملات الابادة والتهجير، لاسباب دينية وقومية واقتصادية وغير ذلك.
حيث نزح عشرات الالوف من سكانها الايزيديين الى جبل سنجار، وبرفقتهم بضع مئات من التركمان الشيعة النازحين اصلا من بلدتهم الاصلية تلعفر، وعانت هذه الجموع معاناة كبيرة لنحو 10 ايام، بسبب شح المياه والغذاء، ويقول ناشطون ايزيديون ان مئات الاطفال قضوا نحبهم بسبب الجفاف والعطش وقلة الغذاء، كما لقي العشرات من المتقدمين في السن والمصابين بالامراض المزمنة مثل السكري والضغط والقلب حتفهم ايضا، فضلا عن قيام تنظيم داعش بقتل المئات منهم قبل وصولهم للجبل، او في سفوحه، مع خطف مئات النساء والاطفال واقتيادهم لجهة مجهولة.
يقول ميسر حجي صالح، قائممقام قضاء سنجار، في حديث لـ ” الصباح الجديد” ان “تقديراتنا تشير الى ان عدد الذين لجأوا لجبل سنجار يبلغ 22 الف عائلة، وتم اجلاء نسبة كبيرة منهم، لكن بعد معاناة مريرة”.
واضاف “نقص المياه والغذاء وفي ظل بيئة جبلية شبه صحراوية، وفي ظل حرارة شهر آب اللاهبة هي كارثة حقيقية”.
ام سنجارية تتخلى عن ولديها المعوقين لانقاذ الثالث
يقول حسين قيراني، احد الناجين من حصار جبل سنجار لـ ” الصباح الجديد “رأيت بأم عيني شاب وشابة معوقين من الاطراف السفلى، وقيل لي ان والدتهما اضطرت لتركهما بعدما اوصلتهما الى منتصف الجبل، واخذت معها ابنها الاصغر المعوق ايضا”.
واضاف “الأم المنكوبة عانت اشد المعاناة في ايصالهما الى وسط الجبل، وفقدت كل قواها لانها كانت تحمل احدهم لمسافة وتعود لتأخذ الثاني ثم الثالث وهكذا، في ظل شح كبير في المياه والغذاء وظروف مناخية قاسية جدا”.
ويتابع قيراني “يتناقل المحاصرون في الجبل رواية احدى الامهات السنجاريات، التي قام تنظيم داعش باعدام ابنها الشاب امام ناظريها، واجبرها على التهام قطعة من لحمه”.
منوها الى انه “لا يمكنني تأكيد انها اكلت من لحمه ام لا”.
واشار قيراني الى ان “عروساً سنجارية لم يمضِ على زواجها 3 اسابيع، ولم تتمكن من الهرب الى الجبل، فقام احد انصار التنظيم من داخل سنجار، بذبح عريسها، واخذ العروس كسبية له، ويقال انه دخل بها الليلة نفسها”.
تقول خمي قولو، المرأة السنجارية الخمسينية واحدى الناجيات من الحصار في الجبل لـ “الصباح الجديد” ان “ما رأيناه من معاناة في الجبل لم تكن لتخطر على بالنا ابدا، ولن ننسى ما حدث لنا ابدا طالما بقينا احياء”.
واضافت “كثيرات منا فقدن ابناءهن فضلا عن فقدان الزوج والاخوة والاقرباء، لقد تعرضن لظلم هائل من دون سبب، نحن لا نستحق ما حصل لنا”.. وتغرق عيناها بالدموع.
وما زال قضاء سنجار (124 كلم غرب الموصل) يقبع تحت سيطرة تنظيم داعش، ويعد من ابرز معاقل الايزيدية في العراق.