إضراب شامل في الأراضي الفلسطينية
متابعة ـ الصباح الجديد:
عم إضراب شامل الأراضي الفلسطينية امس السبت احتجاجا على مقتل 16 فلسطينيا وإصابة المئات برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرات كانت انطلقت امس الاول الجمعة على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.
وأظهر الفلسطينيون قدرة فائقة على وضع إسرائيل، كقوة احتلال، في الزاوية وشل قدرتها على استخدام ترسانتها العسكرية وطائراتها ودباباتها وأسلحتها الثقيلة، باستثناء القنص، تجاه متظاهرين عزل إلا من الإرادة والتصميم على إبقاء قضيتهم حيّة.
ووقف مئات آلاف الفلسطينيين على مرمى حجر من قراهم وبلداتهم خلف السياج، وألقى كثير منهم، خصوصاً الشبان والفتية الذين ولدوا في زمن اتفاق أوسلو للسلام، نظرة من فوق تلال صغيرة عليها، فيما انشغل عشرات آخرون بإلقاء الحجارة على جنود إسرائيليين مدججين بالسلاح. وعلى رغم سقوط نحو 15 شهيداً ونحو 1200 مصاباً برصاص قوات الاحتلال، إلا أن الفلسطينيين تمكنوا من السيطرة على الوضع حتى لا يتحوّل الى معركة دامية مع الاحتلال.
وقالت القوى الوطنية والإسلامية، ومنها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحركة فتح وجميع التنظيمات الفلسطينية، في بيان إن الإضراب سيكون «في كل محافظات الوطن حدادا على أرواح الشهداء واستنكارا لمجزرة الاحتلال وإرهابه وسقوط العدد الكبير من الشهداء والجرحى في جريمة مبيتة تستهدف أبناء شعبنا».
وأعلنت الحكومة الفلسطينية تعطيل جميع المؤسسات والمدارس والجامعات «التزاما بقرار الرئيس محمود عباس إعلان الحداد الوطني العام على أرواح الشهداء الذين ارتقوا امس الاول الجمعة خلال خروج جماهير شعبنا إحياء لذكرى يوم الأرض».
وحمل عباس في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون الرسمي امس الاول الجمعة «سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن أرواح الشهداء والجرحى الذين ارتقوا بنيران الاحتلال».
وقال مسؤولون فلسطينيون في قطاع الصحة إن القوات الإسرائيلية استخدمت الذخيرة الحية بشكل أساسي ضد المحتجين بالإضافة للغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
فيما حذرت الأمم المتحدة امس الاول الجمعة خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن دعت إليه الكويت، من تدهور الأوضاع في قطاع غزة بعد مقتل 16 فلسطينيا وجرح المئات، إثر مواجهات بين الجيش الإسرائيلي ومتظاهرين فلسطينيين خرجوا في مسيرة «العودة الكبرى» شارك فيها عشرات الآلاف.
وحذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية تايي بروك زيريهون امس الاول الجمعة من أن «هناك خشية من إمكان تدهور الوضع في الأيام المقبلة» بعد مقتل فلسطينيين وجرح المئات في مواجهات مع قوات إسرائيلية خلال مسيرة في ذكرى «يوم الأرض».
وعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة جلسة طارئة مغلقة لبحث الوضع المتدهور على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل، إثر مقتل 16 فلسطينيا برصاص الجيش الإسرائيلي، لكن الجلسة انتهت من دون أن يتمكن أعضاء المجلس من الاتفاق على بيان مشترك.
واجتمع أعضاء المجلس بدعوة من الكويت لمناقشة آخر التطورات في غزة حيث اندلعت مواجهات مع خروج عشرات الآلاف من سكان القطاع في مسيرة قرب الحدود الإسرائيلية، في احتجاجات واسعة تعتبر أسوأ يوم من أعمال العنف منذ حرب غزة العام 2014.
بدوره قال المندوب الفرنسي في الأمم المتحدة إن «خطر تصعيد التوتر حقيقي. هناك إمكانية لاندلاع نزاع جديد في قطاع غزة».
من جهتهما أعربت الولايات المتحدة وبريطانيا عن أسفهما لموعد انعقاد الاجتماع بسبب تزامنه مع الفصح اليهودي الذي بدأ الاحتفال به امس الاول الجمعة، مما حال من دون حضور أي دبلوماسي إسرائيلي للجلسة الطارئة التي عقدت على مستوى مساعدي السفراء.
وقال ممثل الولايات المتحدة خلال الجلسة «إنه لأمر حيوي أن يكون هذا المجلس متوازنا»، مشددا على أنه «كان يجدر بنا أن نتوصل إلى ترتيب يتيح لكل الأطراف أن يشاركوا (في الاجتماع) «. وأضاف الدبلوماسي الأميركي «نشعر بحزن بالغ للخسائر في الأرواح البشرية التي وقعت امس الاول الجمعة «.
أما السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون فأصدر قبيل التئام جلسة مجلس الأمن بيانا اتهم فيه حركة حماس بالوقوف خلف أعمال العنف.
وبمناسبة إحيائهم «يوم الأرض» تدفق امس الاول الجمعة عشرات آلاف الفلسطينيين، خصوصا من الأطفال والنساء، على المنطقة المحاذية للحدود بين غزة وإسرائيل في مسيرة احتجاجية أطلق عليها «مسيرة العودة الكبرى».
ومن المقرر أن تستمر حركة الاحتجاج هذه ستة أسابيع وذلك للمطالبة بتفعيل «حق العودة» للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها وللمطالبة أيضا برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة.
وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة أن 16 فلسطينيا قتلوا وأصيب أكثر من 1400 آخرين في المواجهات مع الجيش الإسرائيلي.
وحمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة الإسرائيلية «المسؤولية الكاملة» عن سقوط الضحايا الفلسطينيين، مطالبا المجتمع الدولي «بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل».
وقال عباس في كلمة بثها تلفزيون فلسطين الرسمي «لقد طالبت الأمم المتحدة بالعمل الفوري على توفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني الأعزل أمام هذا العدوان اليومي المستمر والمتصاعد»، مشيرا إلى أنه قام بتكليف سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة بإجراء الاتصالات الكفيلة بـ»اتخاذ الإجراءات الضرورية والفورية لحماية شعبنا».
وأكد عباس أيضا «إنني وأمام هذا الحدث الجلل أحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن أرواح الشهداء الذين ارتقوا اليوم، والجرحى، بنيران جيش الاحتلال، في مواجهة المظاهرات السلمية الشعبية التي خرجت لإحياء هذه الذكرى وللتمسك بحقها في تقرير المصير كباقي شعوب العالم».
ولقد تزامنت «مسيرة العودة الكبرى «مع إحياء «يوم الأرض» الذي يخلد كل 30 آذار مقتل 6 فلسطينيين دفاعا عن أراضيهم المصادرة من سلطات إسرائيل سنة 1976.