اثارة الفوضى والدخول في نزاعات وحروب مسلحة هو المظهر الطاغي على منطقة الشرق الاوسط ومنذ التغيير الذي حصل في العراق بعد 2003 ومرورا باحداث الربيع العربي الذي شهدته تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا تحركت انظمة سياسية متنفذة بدافع المصالح الاقليمية للتدخل في الحراك الشعبي الداخلي لدول اخرى الذي كان يستهدف التفاعل مع مجريات التغيير بعد عقود من الاستبداد والهيمنة المطلقة لاسر حاكمة او احزاب شمولية تفردت واستحوذت على مقاليد السلطة لعقود طويلة وتنوع التدخل الدولي في شؤون دول الشرق الاوسط بين الدخول المباشر لدول كبرى ودول حليفة ومشاركة قواتها العسكرية والامنية في مجريات الصراع او تقديمها الدعم المالي لاطراف الصراعات والنزاعات الداخلية او تسهيلها مرور المقاتلين القادمين من دول اخرى وتأمين وصولهم الى مناطق النزاع فيما فضلت انظمة سياسية اخرى مواصلة الطبخ على نار هادئة لتغذية الفتن الطائفية وتأجيج الخلافات وتوظيف الاعلام المنحرف في تشويه هذه النزاعات وبث رسائل الحقد والكراهية ودعم التطرف والعصبية لتحقيق اهداف تتسق مع مصالحها الذاتية وكان العراق انموذجا حيا لهذه التدخلات وعانى شعبه الكثير من اجل الوقوف بوجه المد الطائفي الذي اخذ منحى خطيرا مدفوعا بتدخلات اقليمية ولربما كان الجوار الجغرافي للعراق بوصفه يمثل قلب منطقة الشرق الاوسط عاملا خطيرا في اظهار هذا البلد للعالم وكانه ساحة كبرى للتدخل الدولي التقت فيها مصالح الشرق والغرب وعلى الرغم من نجاح العراقيين في دحر اشرس هجمة ارهابية ونجاحهم في افشال مخططات اقليمية ودولية كانت تستهدف وحدتهم ونسيج شعبهم الا ان مساعي التأجيج وبث الفرقة ماتزال قائمة لان موضوع التدخل الخارجي لايتعلق فقط بانظمة سياسية ومصالح اقليمية ودولية فقط بل يتعلق بفكر منحرف يبحث عن اي فرصة او منفذ او دعم للعودة من جديد وممارسة نشاطه الارهابي والفتك بالمزيد من ارواح ابناء الشعب العراقي والشعوب الأخرى ولا تختلف المشاهد في العراق كثيرا عن ما يجري في سوريا واليمن وليبيا التي تستعر مدنها بنيران الصراع الداخلي والفتن الطائفية وفي حين نجح العراقيون في مواجهة هذا التدخل واخماد نيران هذه الفتن يكافح اليمنيون والسوريون والليبيون لايقاف الانتهاكات بحق دولهم ومنع التدخلات الاقليمية والدولية وحصر مشكلاتهم واستبدال مظاهر التأزيم بمظاهر التهدئة والعودة للجلوس على طاولة المفاوضات السياسية لايجاد حلول وانقاذ بلدانهم من المحرقة ..من هنا باتت الدعوة موجهة للدول المتنفذة التي لها يد في الصراعات الداخلية في هذه الدول ودول اخرى كي تجلس هي ايضا على طاولة المباحثات لحسم خلافاتها وابعاد مطامعها بالتدخل في شؤون دول اخرى من اجل ايقاف نزيف الدماء المستمر للابرياء الذين يسقطون كل يوم ضحايا لهذا التدخل وضحايا لهذا التأزيم والتعارض والتصادم في المصالح .
د. علي شمخي
التدخل والتأزيم..حرب أخرى !
التعليقات مغلقة