اتفقوا على «تسريع تبادل المعلومات» في شأن سوريا
متابعة – الصباح الجديد :
وسط شكوك بتطبيق جدي لقرار مجلس الأمن 2401 الذي طالب بوقف الأعمال العسكرية في سورية ورفع الحصار، تظافرت جهود غربية لحضّ روسيا ممارسة الضغط على النظام السوري للالتزام بالهدنة، فيما لوّحت إيران باستمرار الهجوم على الغوطة الشرقية وأكدت تركيا مواصلة عمليتها العسكرية شمال البلاد.
وطالبت ألمانيا وفرنسا روسيا بممارسة «أقصى الضغوط» على النظام السوري للتوصل إلى تطبيق «فوري» لقرار وقف النار. وشددت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «الأهمية الحيوية لتطبيق سريع وشامل للقرار» الذي تبناه مجلس الأمن، بحسب بيان لمكتب مركل، الذي أضاف أنهما وجها «نداء على هذه الخلفية إلى روسيا بممارسة أقصى الضغوط على النظام السوري من أجل تعليق فوري للغارات الجوية والمعارك».
من جانبه، أوضح الكرملين أن الزعماء الثلاثة دعوا إلى «مواصلة الجهود المشتركة» من أجل الهدنة واتفقوا «تسريع تبادل المعلومات» في شأن سورية.
وتجه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الثلاثاء إلى موسكو حيث سيبحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في «السبل الكفيلة بتطبيق فعال لقرار مجلس الأمن وتحريك جهود التوصل إلى حل سياسي».
وكان قصر الإليزيه وصف القرار بـ «الخطوة الأولى الضرورية»، لكنه حذّر من «أننا سنكون يقظين للغاية خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن تطبيقه العملي». وندد البيان بـ «عمليات القصف العشوائية التي ينفذها النظام السوري» مشيراً إلى أن «الحاجات الميدانية هائلة ولا سيما في منطقة الغوطة». ورحبت روسيا بتبني مجلس الأمن القرار 2401، واعتبرت أن موافقتها عليه يفند «افتراءات» بأنها تعطل جهود المجتمع الدولي. وحضّت موسكو الأطراف الغربية على استخدام نفوذها من اجل التزام المسلحين المعارضين بالاتفاق، متعهدةً «الوقوف بحزم ضد محاولات إثارة هستيريا معادية لروسيا وسورية».
وأوضحت الخارجية الروسية أن موسكو دعمت قرار مجلس الأمن انطلاقاً من رغبتها في تخفيف معاناة المدنيين، وبعد مراعاة التعديلات الروسية المقترحة إثر أيام صعبة من النقاش». وتعهّدت موسكو بـ «الوقوف بحزم ضد محاولات إضافية لإثارة هستيريا معادية لروسيا وسورية» بعدما ذهبت إلى دعم القرار.
من جانبها، ذكرت إيران أمس أن الهجوم على من وصفتهم بـ «المجموعات الإرهابية» سيستمرّ في الغوطة. وقال رئيس أركان الجيش الجنرال محمد باقري في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية، إن «مناطق في ضاحية دمشق في أيدي المجموعات الإرهابية، ليست معنية بوقف النار، وستستمر الهجمات وعملية التنظيف التي يقوم بها الجيش السوري».
ورحبت الخارجية التركية بقرار الأمم المتحدة، لكنها شددت على مواصلة عملياتها العسكرية شمال سورية لاستهداف المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم «إرهابيين». بدوره، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالقاتل الذي تسبب في مقتل نحو مليون مواطن سوري بالأسلحة الكيمياوية والتقليدية. وأبدى أردوغان في كلمة أمام أنصار حزبه «العدالة والتنمية» في ولاية غازي عنتاب، استغرابه حيال وقوف العالم إلى جانب النظام السوري، ودفاعه عن الأسد. وأكّد أنّ العملية العسكرية في عفرين ستستمر إلى أن يتم «تطهير المنطقة بالكامل من التنظيمات الإرهابية».
في غضون ذلك، وجّه البابا فرنسيس «نداءً ملحاً لوقف فوري للعنف» في سورية والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية وإجلاء الجرحى والمرضى، خصوصاً في الغوطة. وقال البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس في روما بعد صلاة الأحد: «في هذه الأيام، غالباً ما تتجه أفكاري إلى سورية الحبيبة والشهيدة، حيث تعود الحرب خصوصاً في الغوطة الشرقية».
ولفت البابا إلى أن الشهر الجاري من الأكثر عنفاً خلال سبع سنوات من الأزمة، مضيفاً: «مئات آلاف الضحايا المدنيين، أطفال، نساء، مسنون. المستشفيات تأثرت. الشعب لم يعد قادراً على الحصول على طعام. كل هذا غير إنساني. لا يمكن أن نحارب الشر بشرّ آخر».
وكان مجلس الأمن توصل إلى تسوية روسية غربية بإقرار وقف للأعمال القتالية في سورية مدته ثلاثون يوماً من دون أن يتمكن من تحديد موعد بدء الهدنة أو نطاقها الجغرافي الفعلي بسبب استثناء القرار العمليات العسكرية التي تستهدف تنظيمات «داعش» و «القاعدة» و «جبهة النصرة» وكل من يرتبط بها من المجموعات المصنفة إرهابية بموجب قرارات مجلس الأمن السابقة.
وجاءت التسوية على القرار الذي حمل الرقم 2401 بعد نزاع ديبلوماسي سببته سلسلة مطالب قدمتها موسكو بشكل تصاعدي وعلى مراحل متتالية أدت إلى تمديد متكرر للمشاورات حتى الدقيقة الأخيرة قبيل طرح القرار على التصويت.
وحققت روسيا مطالب عدة في المشاورات، لاسيما المتعلقة بشطب الإطار الزمني للبدء بتطبيق القرار الذي كان حُدد في الصيغة الأولية باثنتين وسبعين ساعة بعد تبني القرار، وتوصلت إلى تعديل الفقرة الأولى من القرار لتنص على أن مجلس الأمن «يطلب أن توقف كل الأطراف الأعمال القتالية من دون تأخير». وحملت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي روسيا مسؤولية تأخر مجلس الأمن في تبني القرار «بعد استنفادها كل السبل لتجنب تبنيه»، مشددة على أن على «نظام الأسد وحلفائه التقيد بالمطالب الواردة في القرار». في المقابل، دعا السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الولايات المتحدة إلى وقف التهديدات العلنية «إلى دولة ذات سيادة هي سورية».
وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر، إنه «يعود الآن إلى من يدعم النظام ليقول بوضوح إنه لا بد من وصول المساعدات وإجلاء المصابين والمرضى بشكل فوري». كذلك دعا المندوب البريطاني جوناثان آلن إلى «تنفيذ القرار من دون تأخير ورصد مدى تقيد الأطراف به».
وجاء إجماع مجلس الأمن وتبني القرار ثمرة جهود بعثتي الكويت والسويد اللتين عملتا بجد على التوصل إلى التسوية في مجلس الأمن، باعتبارهما الدولتين الممسكتين بملف الوضع الإنساني في سورية في المجلس.
وبعد صدور القرار، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تنفيذه فوراً. وذكّر غوتيريش الأطراف كافة «بواجبهم الحتمي في حماية المدنيين»، مشدداً على أن «الجهود لمحاربة الإرهاب لا تحل مكان هذه الالتزامات».