الاداء البرلماني خلال اكثر من ثلاث دورات انتخابية في العراق كشف الكثير من مظاهر التعاطي مع الحرية السياسية في التعبير عن الاراء داخل قبة البرلمان ومن المؤكد ان تجربة العراق في هذا المجال تجربة فتية بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود على تغييب هذه الحرية وفرض سطوة الشخص الواحد والحزب والواحد لكن التاريخ يدون في الوقت نفسه بان فيضا من الحرية في التعبير عن الاراء وفي محاسبة رموز السلطة قد ساد اجواء الاداء البرلماني خلال العهد الملكي منذ العشرينيات وحتى عام 1958 وكان الاساس الذي قام عليه هذا الاداء هو القدرة على التعبير عن تطلعات الشعب من دون التاثر بمواقف زعماء الاحزاب مثلما هو حاصل اليوم في الديمقراطيات الغربية ومثلما يحصل في دول اخرى تمسكت باعراف وقوانين سياسية منحت البرلمان واعضاءه المساحة الكافية في التعبير عن مواقفه تجاه الاحداث وتشير الوقائع في العراق ان هيبة البرلمان وقوة الاداء فيه تأثرت الى حد بعيد بسطوة الاحزاب وزعمائها وقد يبدو مفهوما تمسك اي عضو بثقافة وتوجهات الحزب او الكتلة السياسية التي ينتمي اليه لكن غير المفهوم هو الطاعة العمياء والقبول بكل مايرمي اليه زعيم الحزب او الكتلة والذوبان بشخصيته طمعا بالحصول على مكاسب مستقبلية وقد بات موقف بعض النواب تجاه ملفات عديدة عرضت داخل قبة البرلمان وتصويتهم بالرفض والقبول من دون معرفة التفاصيل الدقيقة لمضامين هذه الملفات امرا يصعب تفسيره ويثير الاشمئزاز من قبل الشعب العراقي حيث ينتظر هؤلاء النواب التوجيه والاشارة في الاجتماعات المغلقة داخل احزابهم وكياناتهم السياسية لحسم الموافقة بالرفض والقبول مما يجردهم من اي دور تشريعي حقيقي مرسوم لهم ويناقض اداء يمينهم امام الشعب بتأدية هذا الدور باخلاص وامانة ومن المؤسف ان هذه المظاهر اخذت حيزا كبيرا لاكثر من دورة انتخابية فرط فيها الكثير من النواب بسمعتهم الشخصية وعرضوا مستقبلهم السياسي للضياع واساءوا الى الاداء البرلماني برمته .
د. علي شمخي
سطوة الزعيم !
التعليقات مغلقة