لقد عرف العراقيون القدماء سبل الابداع الحضاري وسراج الاختراعات الذي اضاء دروب الامم ماضياً كان وحاضراً فمن الكتابة ودولاب الفخار الى اول العجلات لترسوا سفينة المكتشفين في مرسى الابداع الرياضي.
فمحور الكلام عن اول النشاطات الرياضية في العالم وربما لايعرف الكثيرون ان قدماء العراقيون قد عرفوا الالعاب الرياضية بانواعها وخاصة العاب القوى بما فيها المصارعة والملاكمة والجري وحمل الاثقال وذلك قبل ان تعرف في بلاد اليونان باكثر من الفين وخمسمائة عام . فقد كانت البداية منذوا ان تعلم الانسان المشي والركض وتعلمه استعمال يده في جمع القوت وقبل اختراع الاسلحه دفعتهم الغريزة للدفاع عن انفسم باستخدام قبضة اليد في ذلك . وتطورت الى ان تصبح بشكل منظم في المعارك مع تقدم الزمن وتسارع الحضارة . بالاضافة الى ذلك ما وردنا عن المصارعة في ملحمة جلجامش الخالدة التي تروي واقعة الصراع بين البطلين جلجامش وانكيدوا والتي حصلت في عام 2070 قبل الميلاد حينها كان جلجامش ملكاُ لدولة مدينة الوركاء السومرية العظيمة .
وتجدر الاشارة بهذا الصدد إن ممارسة الالعاب الرياضة في العراق القديم وبالذات لعبتي المصارعة والملاكمة كانتا ذات علاقة بعدد من الطقوس الدينية والخصب والفحولة.
ولوتتبعنا هذه الرياضات من الناحية المادية الاثارية من المكتشفات في حقول التنقيب في المواقع الاثارية ادلة تاريخية من عصر فجر السلالات الثاني وقبله بقليل في مطلع الالف الثالث قبل الميلاد على هيئة اختام اسطوانية منقوشة بمشاهد من المصارعة والملاكمة بين رجال مفتولي العضلات كما جاتنا ايضا تماثيل من البرونز ومن نفس الفترة التاريخية سالفة الذكر او بعدها لرجلين متقابلين بوضعية الملاكمة. حيث ان رياضة المصارعة كانت تقتصر الذكور دون الاناث ولم تكن ضمن مناهج دراسية من قبل مختصين وانما كانت الاعتماد على الاباء وبعض المختصين العسكريين المحترفين.
بالاضافة الى رياضة المصارعة، هناك رياضة الملاكمة التي كانت جنباً الى جنب والتي اشتهر العراقيون بممارستها وتفردوا في العالم بانهم اول من زاولها اذ بلغت رياضة الملاكمة قدراً كبيرا من الاهتمام وشغلت بجانب رياضة المصارعة مواضيع في النقوش على الاختام الاسطوانية والالواح الفخارية والحجرية والتي وجدت في اماكن مختلفة وعبر حضارات العراق من السومرية فالاكدية والبابلية والاشورية ووصل الينا اقدم وجود من رياضة الملاكمة من خلال ما نقش على ختم اسطواني يرجع تاريخه الى عصر فجر السلالات 2050 قبل الميلاد والذي عثر عليه في تنقيبات تل حرمل والذي يمثل بداية نزال ملاكمة . وكان هذا الذي شاهدناه من خلال الاثار التي صورت نزالات الملاكمة والتي وصلت الينا من المواقع الاثارية وظهر الاهتمام بالاملاكمة كرياضة وبالملاكم حيث توصل العراقيون القدماء الى اختراع الكفوف ( قفاز الملاكمة ) ويظهر ذلك جلياً في المنحوتات حيث يظهر ان الملاكم يلبس في يده كفوف خاصة بالملاكمة كما وصل الينا منحوته تصور ملاكمين في نزال والى جانبهم العازفين على الطبول وهذه الممارسة تشد الهمم وترفع الحماسة في قلوب المقاتلين .
ونلمح من كل هذه المشاهدات مدى الترف الذي كان يعيشه المجتمع العراقي القديم الى الاهتداء الى ممارسته الانشطة الرياضة وتنوعها فقد كان العراقيون يمارسون رياضة التجديف والركض وركوب العربات وحمل الاثقال.
فسكان وادي الرافدين القدماء كانوا شرارة البدأ الاولى في العالم لحياة حضارية متقدمة متنورة بكل المجالات الحياة الاجتماعية فالابداع الاول خطه ابن سومر على طين وادي الرافدين.
* كاتب عراقي
علي بنيان*