الأدلة الجنائية قالت كلمتها: حريق مشروع البصرة الكبير متعمد
الصباح الجديد – خاص:
كان ينبغي أن يصل الماء الصالح للشرب الى سكان محافظة البصرة نهاية العام الماضي، غير ان سلسلة حوادث متعمدة ومحاولات تخريب، آخرها الحريق الذي شب في المنشأة الرئيسية بالهارثة، حالت دون تحقيق هذا الحلم بالنسبة لثلاثة ملايين مواطن في البصرة ومدن اخرى، وقد مر مرور الكرام، ودون اي تعقيب او احتجاج ما اعلنته وزيرة الاعمار والاسكان والبلديات (المعنية المباشرة بالمشروع) قبل اقل من شهر بان الوزارة فشلت في الايفاء بتعهداتها بانجاز مشروع ماء البصرة الكبير في عام 2017 علما بان هذا المشروع يعد واحداً من أهم المشاريع الوزارية الستراتيجية، التي يتم تنفيذها بتمويل (عراقي- ياباني) مشترك، وبكلفة اجمالية تبلغ قرابة 650 مليون دولار.
وعرض الى “الصباح الجديد” رجال اعمال ومهندسون ومتخصصون ونشطاء ضد الفساد معلومات خطيرة عن شبكة مافيا تتحكم في ادارة مشاريع تحديث البنية الخدمية في البصرة تتولى تخريب هذا المشروع واهدار وسرقة تمويلاته، وكذلك عرقلة مشاريع آخر بهذا الاتجاه، وبخاصة المشاريع التي تقدم جهات دولية القروض لتحقيقها وتتولى شركات احترافية تنفيذها.
وفي الآونة الاخيرة وجدت اتهامات لموظفين فاسدين طريقها الى اقنية اعلامية عديدة واشير فيها الى المسؤولين “المحميين” بالأسماء، فقد نقلت الشبكة الاعلامية المستقلة “عراق القانون” يوم السبت الماضي عن مصدر مطلع وموثوق في ديوان وزارة الاعمار والاسكان والبلديات والاشغال العامة قوله ان الادلة تثبت تورط عدد من موظفي الوزارة بالوقوف وراء حادث حريق مشروع ماء البصرة الكبير في الهارثة شمالي البصرة.
وان هذا المشروع قد شهد ثلاثة حوادث خطيرة خلال سبعة شهور فقط، وتشير المعلومات، كما افادت الشبكة، الى “تورط ادارة المشروع بالوقوف وراء حادث الحريق” ، ولفتت الى ان تقرير الادلة الجنائية في حادث الحريق الكبير، الذي حصل مساء يوم 2017/10/8، يؤكد ان الحادث كان عمدياً وبفعل فاعل.
واوضحت الشبكة ان اي حديث عن تورط جهات من خارج المشروع بالوقوف وراء حادث الحريق، انما هو حديث عارٍ عن الصحة “وان الجهة الوحيدة التي يمكن لها ان تستفيد من الحادث هي ادارة المشروع ذاته، متمثلة بمدير المشروع (المهندس ع. خ. ل) ومساعديه ( المهندس ن. والمهندس م.)
وتضمنت الوثيقة التي عرضتها الشبكة الاشارة الى ان وزيرة الاعمار والاسكان والبلديات والاشغال العامة “آن رافع أوسي” سبق لها ان زارت المشروع واطلعت على الاعمال الجارية ونسب الانجاز، و”لكنها اعتمدت ما تم نقله اليها من قبل ادارة المشروع، لتعلن رسمياً افتتاح المشروع أواخر العام” ويبدو ان ذلك مُرر على الحكومة الاتحادية ومجلس النواب ومجلس المحافظة من دون تدقيق او متابعة.
وأشارت الشبكة الى ان مدير المشروع المسؤول عن التلكؤ والتخريب كان قد عقد العزم على ربط المشروع بأثنين من خطوط النقل العاملة، وانه قد عقد صفقة فاسدة تقضي بموافقة مديرية ماء البصرة على ربط مشروع ماء البصرة الكبير بالخطوط الحالية العاملة، إضافة الى تكفل مديرية ماء البصرة بأعمال اعادة تأهيل وتطوير عدد من مشاريع الماء في مركز المحافظة، مع مؤشرات فساد طبقا للشبكة عبر استبدال عدد من مجمعات الماء القديمة بأخرى جديدة موجودة في مخازن المديرية، كانت قد اشترتها حكومة البصرة المحلية السابقة، وقالت ان هذه الصفقة الفاسدة تهدف الى التغطية على الفساد الكبير في المشروع، والقفز على أعمال المرحلة الاولى من مراحل مشروع ماء البصرة الكبير، الممولة من الجانب الياباني، وبكلفة تبلغ اكثر من 120 مليون دولار، مشيرة الى ان اعمال المرحلة الاولى لم يعد بالأمكان تنفيذها على ضوء الدراسات والتصاميم السابقة، لوجود تعارضات ومستجدات كثيرة على ارض الواقع. ولفت الى ان جميع المؤشرات تدل على ان الفاسدين وبعد ان استشعروا الحرج الشديد أثر الاعلان الزائف عن تشغيل المرحلتين الثالثة والرابعة اواخر العام الجاري، لمعرفتهم بعدم امكانية ذلك، فقد عمدوا الى اضرام النار بالمشروع، بالاتفاق مع مجموعة من المأجورين من خارج المنشأة، بقصد الخلاص من الورطة التي وضعوا أنفسهم فيها بهذا الاعلان، سعياً لترحيل الافتتاح المزعوم الى شهر حزيران المقبل، ظناً منهم ان الانتخابات التشريعية المقبلة وما يتمخض عنها تؤسس لهم فرصة افضل للخلاص من المساءلة والقصاص.
من يتستر على موظفين مسؤولين عن إهدار 650 مليون دولار؟
التعليقات مغلقة