قبل رحيل الرئيس السابق جلال طالباني ، كانت الاجواء بين بغداد واربيل ملبدة بغيوم سود تنذر بعواصف هوجاء قد تتعرض لها البلاد في أي لحظة بسبب تمادي مسعود البارزاني في الذهاب إلى ابعد مدى بخطوات استفزازية وصفت بالمجنونة او الحمقاء من خلال اصراره على « سالفة» الانفصال من دون الالتفات إلى النتائج والتداعيات .. وحين جرى الاعلان عن وفاة الرئيس ، وعلى الرغم من هالة الحزن التي تركها رحيله في الاوساط العراقية كافة ، الا ان ثمة فرحة خفية ساورت بعض الجهات مردها إلى ان الفرحين ارادوا استثمار مناسبة وفاة الرئيس في ترميم جسور العلاقة بين بغداد واربيل في مسعى لتنقية الاجواء وسحب فتيل العواصف المحتملة ، من باب ان الشدائد والملمات توحد الاخوة وتدفعهم للوقوف صفا واحدا في مواجهة تلك الشدائد ، ومن هنا بادرت الحكومة إلى ارسال طائرة خاصة لنقل جثمان الرئيس من برلين إلى بغداد ، كما اعلنت الحداد الرسمي لمدة ثلاثة ايام .. وعلى هذا الاساس مضت الامور قبل ان تحدث المفاجأة الكبرى !.. ففيما كانت الدولة العراقية تترقب وصول الجثمان الى عاصمتها وان ضيوفا كبار سيتوافدون إلى بغداد لتقديم التعازي للشعب العراقي .. في هذه اللحظات كانت الطائرة الخاصة التي ارسلتها بغداد إلى برلين لنقل الجثمان ، تمر من فوق اجواء العاصمة متوجهة إلى الشمال ، وكأن الراكبين فيها كانوا يلوحون للمنتظرين في بغداد ، ولسان حالهم يقول ها نحن ذاهبون إلى السليمانية ، فماذا انتم فاعلون ؟؟!!.. .. وفعلا فقد عاشت العاصمة حالة من الذهول لهذا التصرف غير المسؤول .. وليت الامر انتهى عند هذا الحال الذي برره البعض ، بأن من حق عائلته ان تتخذ ما تراه مناسبا في تشييع فقيدهم ودفنه ، وليس لنا هنا الا ان نقدم لهم العزاء والمواساة ، انما الطامة الاكبر هي عندما انزلوا النعش ملفوفا بعلم غير العلم العراقي ، وكأنه لم يكن رئيسا للعراق ، ولم تتحمل ميزانية العراق تكاليف علاجه التي بلغت ملايين الدولارات في وقت كان البلد يواجه اعتى ازمة مالية ، وكأن الذين لفوه بخرقة اخرى غير العلم العراقي كانوا يريدون القول إن مام جلال هو من دعا إلى الانفصال ونحن سائرون في طريقه !! .. وهكذا كانت الصدمة كبيرة ، احرجت الحكومة في بغداد وأحرجت ضيوفها الذين تجشموا عناء السفر إلى السليمانية واكثر من ذلك كان الحرج كبيرا للوفد الرسمي الحكومي الذي كان يقف في مطار السليمانية لاستقبال جثمان الرئيس الراحل ، ليبقى الوفد في حيرة من امره ، أ ينسحب لتحدث بعد ذلك ازمة جديدة لايمكن التنبؤ بتداعياتها ؟ ..ام يستمر وهناك استياء وغضب شعبي عارم ساد العراق كله ؟ .. ولهذا ، فقد انسحب من انسحب وبقي من بقي وساد الارتباك بين اعضاء الوفد ، فيما نجح دعاة الانفصال في استغلال مراسيم تشييع الرئيس في تمرير رسائل اخرى جديدة اكثر مضاء ربما من رسالة الاستفتاء واهم تلك الرسائل « اننا دولة لنا علم ودستور وبرلمان ونشيد ومطار وشعب وأصدقاء يشاركوننا مصائبنا بموافقة وحضور بغداد «!! ، وبصرف النظر عن الاعتذار الرسمي الذي قدمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لبغداد وهم يقولون « إن لعبة العلم كانت بترتيب من حكومة اربيل ، وقد فوجئوا بها وسيحققون بالأمر ، ولكن ما نفع التحقيق وقد سبق السيف العذل ونجح البارزاني في ايصال ما يريد من رسائل إلى الداخل والخارج ؟؟!!
عبد الزهرة محمد الهنداوي
قشة العَلَم !
التعليقات مغلقة