مع اتساع وسائل الاتصال وتطورها وتنوعها ومع شيوع ثقافة التعددية والديمقراطية في الرأي والنشر والقرار اتسعت مساحات اشراك الرأي العام في مشاريع القوانين والقرارات لاية حكومة تؤمن بالمبادئ الديمقراطية وتحرص مثل هذه الحكومات على توسيع دوائر الاشتراك لتشمل مشاريع الانتاج الاقتصادي والنشاطات المالية فضلا عن الفعاليات السياسية ولربما اصبحت استطلاعات الرأي الوسيلة الأنجح في قياس اتجاهات الرأي العام في كل محفل من محافل الحياة وباتت الكثير من المؤسسات والشركات لاتستغني عن هذه الاستطلاعات من اجل تطوير انتاجها والتعرف على رغبات واتجاه الجمهور العام وكان لابد لاي نظام يحترم هذه التطلعات ان يزيد من مهاراته وقدراته في التعمق والوصول الى آراء ووجهات نظر الطرف الآخر المعني بالتعاطي والتواصل معه ولطالما ارتكبت اخطاء فادحة تسببت بنتائج وخيمة من قبل حكومات واحزاب وجهات وشركات تعمدت اغفال جمهورها او تهميش مواقفه ورغباته واستفردت باتخاذ القرار وكانت النتائج فقدان سمعة وثقة الجمهور بالحكومة والمؤسسة والشركة ومقاطعتها ..
مثل هذا التعاطي ومثل هذا الاهتمام كفيل بحل المشكلات والعقبات وطمانة الجمهور من اجل تحقيق الاستقرار وفي بلد مثل العراق ماتزال جسور الثقة ضعيفة بين جمهور متنوع ومتعدد الاتجاهات والانتماءات والحاجات وحكومة تحمل ارثا ثقيلا من الانتهاكات السابقة والاخطاء والفشل في معالجة عشرات الملفات تبدو مهمة المشرعين واصحاب القرار مهمة جسيمة تستلزم اقتفاء الدقة والتصويب بنحو صحيح بما يجنب أي جهة او فئة من فئات الجمهور الحاق الضرربه مثلما تستلزم الامور بذل الجهود الكبيرة من اجل تقصي الحقائق والتعرف على الانطباعات تجاه عشرات القوانين المقترحة وعدم الاكتفاء بتنظيم دوائر ضيقة يجري التداول معها للبت في مشاريع القوانين المقترحة وتقرير مصيرها بالقبول والرفض ولابد من تذكير الحكومة بوصفها اعلى سلطة تنفيذية في الدولة بضرورة التمهيد والتثقيف لاية مشاريع مقترحة للقوانين والقرارات وطرح مضامينها على الجمهور من قبل فريق من المستشارين المتخصصين بما يضمن الاستعداد لاتخاذ أي قرار وعدم الارتجال وتهميش الفئات المستهدفة من الجمهور بمثل هذه القرارات ولربما كان مشروع قانون التأمينات الاجتماعية الذي صوت عليه مجلس الوزراء في المدة الماضية مثالا حيا على مانقوله في هذه السطور ومانشهده من حملة مضادة لهذا المشروع والاعتراضات الواسعة من قبل اساتذة الجامعات وفئات اخرى يؤكد الحاجة الماسة لتوسيع قاعدة إشراك الرأي العام في القرارات المصيرية والمهمة التي تمس غالبية الشعب العراقي.
د.علي شمخي
التهميش في القرار!
التعليقات مغلقة