بون ـ جاسم محمد
انطلقت الحملات الانتخابية للانتخابات التشريعية في المانيا، وسط جدل حول عدد من القضايا، ابرزها قضية اللاجئين وسوق العمل، وتصدر قضية اللاجئين الحملات الانتخابية يثير مخاوف الكثير من اللاجئين، حول احتمالات ان يكونوا كبش فداءلهذه الحملات الانتخابية.
بدأت المستشارة أنغيلا ميركل يوم 12 اوغست 2017 حملتها الانتخابية للانتخابات التشريعية القادمة، المقرر عقدها خلال شهر سبتمبر القادم 2017، واستهلت ميركل الحملة بالتذكير بنجاحات حكومتها في سوق العمل ومكافحة البطالة. المستشارة الالمانية حاولت التغاضي عن قضية اللاجئين في المانيا، التي كثيرا ما وجهت الانتقادات لها وتصدرت اجندات اجتماعات ومؤتمرات اوروبية ودولية خلال العامين الماضيين.
وفي عرض لبرنامج “بوليتباروميتر” (المقياس السياسي) للقناة الثانية بالتلفزيون الألماني (ZDF) يوم 11 أغسطس 2017 أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل جاءت على رأس قائمة أهم عشرة سياسيين في ألمانيا بفارق كبير عن الآخرين، ولكن تراجعت درجاتها على المؤشر عما سبق بفارق أربع نقاط.
وبالنسبة للمرشح الاشتراكي لمنصب المستشارية مارتن شولتس بيًن البرنامج أنه تراجع بنقطتين ليحل في المركز السابع كأهم سياسي في ألمانيا. وإن شولتس فقد أربع نقاط ووصلت نسبة شعبيته إلى 33 في المائة، وهي الأدنى بالنسبة له.
وأفادت حصيلة الاستطلاعات أن اليسار الألماني سيحصل، وفقا لنفس الفرضية، على 8 في المائة، وهي نفس النسبة التي حصل عليها كل من حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر وحزب البديل من أجل ألمانيا. وبهذا يكون هناك إمكانية لتشكيل ما يسمى الائتلاف الكبير (الذي يضم الحزبين الكبيرين : حزب ميركل والاشتراكيين) أو تشكيل ائتلاف من حزب ميركل والمسيحي الاجتماعي البافاري والخضر والحزب الديمقراطي الحر معا. إلا أن ائتلافا من الاشتراكيين واليسار والخضر، أو ائتلافا من الاشتراكيين والخضر والحزب الديمقراطي الحر ليس ممكنا.
تقدم حزب ميركل، المسيحي الديمقراطي بالاستطلاعات
تشير استطلاعات الرأي إلى حصول تحالف ميركل المكون من حزبها المسيحي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري على تأييد نحو 40% من الناخبين، وذلك بتقدم ملحوظ على أكبر منافسيه، الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وسجلت ميركل تقدماً مريحاً قدره 15 نقطة على الحزب الاشتراكي الديمقراطي في استطلاعات الرأي، تبقى الأوفر حظاً بفارق كبير لنيل ولاية رابعة.
فما زالت ميركل تراهن على شخصيتها وعلى حصيلتها، مع تراجع معدل البطالة إلى 5,6 بالمائة، أدنى مستوياته منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 199. أما مسألة توافد أكثر من مليون مهاجر إلى البلاد في 2015 و2016، فتبدو الآن طي النسيان بعدما أضعفت موقفها لفترة.
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم 11 أغسطس 2017 إن ألمانيا بإمكانها دعم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية بنحو 50 مليون يورو خلال هذا العام 2017. وأضافت ميركل عقب لقائها بالمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي والمدير العام لمنظمة الهجرة الدولية ويليام لاسي سوينغ: “لا ينبغي أن يخفق هذا العمل بسبب المال”. وذكرت ميركل أن مشكلة الهجرة القادمة من ليبيا على وجه الخصوص تمثل تحديا. ودعمت المستشارة اقتراح مضاعفة أعداد اللاجئين، الذين يمكن لأوروبا استقبالهم بصورة دائمة من 20 ألف شخص إلى 40 ألف شخص. وحسب استطلاع جديد للرأي يتوقع نصف الألمان أن البلاد ستواجه أزمة لجوء مشابهة لما حدث قبل عامين.
الحزب الاشتراكي يراهن على قضية توزيع اللاجئين في اوروبا
دعا منافس المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على المستشارية وزعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، مارتن شولتس، خلال زيارته لإيطاليا يوم 27 يوليو 2017 الى توزيع عادل للاجئين في أوروبا. وأعلن مارتن شولت، منافس ميركل، أنه يؤيد منذ زمن إتباع سياسة لجوء تضامنية في أوروبا، وبحسب دوائر حكومية في برلين، فقد عرضت ألمانيا على إيطاليا استقبال 5520 طالب لجوء في إطار برنامج إعادة توزيع اللاجئين، ولكن إيطاليا لم تقدم سوى 4021 طلباً بهذا الشأن حتى الآن. يذكر أن برلين أعلنت مؤخرا استعدادها لاستقبال 750 لاجئاً شهريا من إيطاليا بدلاً من 500. وتسعى دول الاتحاد الاوروبي لاستقبال 160 ألف لاجئ من اليونان وإيطاليا، ولكن حتى الآن تم إعادة توطين نحو 25 ألف شخص فقط.ويذكر أن عدد طالبي اللجوء، الذين وصلوا موانئ إيطالية خلال هذا العام، تجاوز 93 ألف شخص، في المقابل استقبلت ألمانيا خلال النصف الأول من عام 2017 نحو 90400 لاجئ ووافد جديد.
اما وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، من الحزب الاشتراكي، فقد حذر من عودة أزمة اللاجئين إلى أوروبا، ذلك خلال زيارته لأوغندا: يوم 09 اوغست 2017 وقال “إذا لم نقم بشيء، ستضطر إيطاليا لفتح حدودها في أي وقت؛ لأن الأعداد ببساطة ستكون كبيرة للغاية “. وأكد أنه إذا لم يتم إيجاد آليات لتوزيع طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي، “سينتهي بنا المطاف إلى الأزمة ذاتها”.
ان موجات اللاجئين التي ضربت المانيا منذ عام 2015 كانت غالبيتهم من المسلمين ومازاد في الامر تعقيدا هو تزامنها مع تنامي الإرهاب الإسلاموي، مما دفع بملف الإسلام على جدول الأعمال السياسية. ورغم ذلك تتجنب الأحزاب، وبالأخص الحزبان الرئيسيان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، تناول ملفات الإسلام والثقافة الرائدة والاندماج لحد الآن في برامجهما الانتخابية.
وبحسب تقديرات المحلل السياسي من برلين أوسكار نيديرماير، فإن “مشكلة اللاجئين، التي ترتبط بنظر المواطنين الألمان مع موضوعات الإسلام والإرهاب، تمثل إلى حد بعيد الموضوع السياسي الأهم “. وبات محتملا ، أن يطغى موضوع اللاجئين بقوة خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية”. يشار إلى أن الاشتراكيين الديمقراطيين يقترحون أن يتم دعم استقبال لاجئين ماليا من جانب الاتحاد الأوروبي وأن يتم في الوقت ذاته تقليص التمويل للدول التي تعارض ذلك.
ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية تبدو ميركل مصممة على استعادة قسم من الناخبين الذين ابتعدوا عنها مع أزمة المهاجرين وتوجهوا إلى حزب “البديل لألمانيا” القومي اليميني. وفي استطلاع للرأي أجراه معهد يوغوف قال حوالي 50 بالمائة ممن استطلعت آراءهم أن ألمانيا ستواجه تدفقا جديدا للاجئين على غرار ما حدث قبل عامين، وأعرب 83 بالمائة عن قناعتهم أن أعداد اللاجئين القادمين إلى أوروبا سيزداد ويرتفع من جديد.
وتفرض قضية اللاجئين بنفسها على الحملات الانتخابية للمرشحين ابرزها الحزب الاشتراكي والحزب المسيحي الديمقراطي، المحافظ، الى جانب الاحزاب الصغيرة ابرزها حزب البديل من اجل المانيا، اليميني الذي يراهن على انتقادات سياسة الحكومة والمستشارة الالمانية ميركل.
ولكن برغم ذلك يبقى الهاجس عند غالبية اللاجئين في المانيا، بانهم سيكونوا كبش فداء خلال الحملة الانتخابية القادمة.
* باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات