(منيكانات) قراءة جديدة في نص (أسئلة الجلاد والضحية) لصباح الأنباري معرفياً وجمالياً

في حوار مع المخرج المسرحي فاروق صبري:
حاوره ـ عبد العليم البناء:

يشهد مسرح الرافدين الساعة السابعة مساء الايام الاربعاء والخميس والجمعة 25 و26 و27 من شهر تموز الجاري عرض مسرحية (منيكانات) التي أعدها وأخرجها الفنان فاروق صبري عن نص مسرحية ( اسئلة الضحية والجلاد) للكاتب صباح الانباري لحساب الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح.
يتقاسم ادوار البطولة في المسرحية الفنانان ميلاد سري، وطه المشهداني، حيث يحاول صبري في هذا العرض المسرحي أن يجتهد فكرياً، ويبتكر بصرياً في صياغة وقراءة جديدة لثنائية (الضحية والجلاد)، هذه القضية السرمدية التي باتت تلازم البشرية جمعاء منذ بدء الخليقة.
عن (منيكانات) وآفاقها الابداعية والجمالية والفكرية، كانت لنا هذه الجولة من الحوارمع مخرجها المبدع فاروق صبري :

*ما الذي تنطوي عليه مسرحية ( منيكانات) التي أعددتها عن مسرحية (أسئلة الضحية والجلاد) لصباح الانباري، في وقت تم فيه تناول هذه الثنائية في الكثير من العروض المسرحية العراقية والعربية والعالمية، لاسيما انها تدور في فلك مشروعك الذي اسميته المونودراما التعاقبية ؟
– منذ الكلمة الأولى التي نطق بها البشر وعبر تاريخ الثقافة، ومن ضمنها المسرح (تم تناول هذه الثنائية) المتمثلة بالضحية والجلاد، القاتل والقتيل، القبح والجمال، الضوء والظلام، والتساؤل: خلال فترات متعددة هل كان هذا (التناول) إستنساخاً أو تناصاً فقط!؟ أعتقد ان بنية الثقافة وسياقاتها المعرفية والجمالية، تؤكد أن صناعها حاولوا أن يبتكروا ويجتهدوا في تناول ما يخص حياة الإنسان، وفي سفر المسرح العالمي والعراقي أيضاً نلمس محطات متنوعة من هذا الابتكار والاجتهاد، وبل المغايرة في طرح (الثنائية ) التي أشرت إليها، وكوني أحد تلاميذ هذا السفر المسرحي أحاول في عرضي المسرحي ( منيكانات) أن أجتهد فكرياً، وأبتكر بصرياً في صياغة هذه القضية السرمدية، والمؤكد أن مشاهدة هذا العرض الذي كتبه صديقي صباح الأنباري بعنوان ( أسئلة الجلاد والضحية ) تعطي لك إجابات أكثر اهمية مما قلت هنا !

*وما الجديد الذي سيلاحظه المتلقون في الداخل العراقي بعد ان قدمت هذا العرض عام 2014 في كندا ضمن المشروع ذاته «المونودراما التعاقبية» وبتعامل مع نص محترف لكاتب عرف باهتمامه العميق والواسع بفن المونودراما ؟
– مع كل عرض من عروضي المسرحية احاول قراءة النص وفقاً للتغييرات التي تطرأ في يومياتي، وعلى ذائقتي، وأتوقف عند ملاحظات ومقترحات ووجهات النظر النقاد والمشاهدين، لذلك احاول في هذا العرض الذي سميته ( منيكانات )، قراءة نص (أسئلة الجلاد والضحية ) لصباح الأنباري بنحو جديد في المستويين المعرفي والجمالي، وذلك عبر معالجات بصرية فنتازية، وتأويلات متباينة لبناء شخصيتي. أو حالتي «الجلاد والضحية» ليس فقط من الجانب السيكلوجي لكل منها، وإنما أيضاً لفضائيهما التاريخي الممتد ليومنا هذا وبنحو قاتم وأكثر إشكالية.

*وماذا عن خياراتك على صعيد الممثلين طه المشهداني، وبشرى جعفر، لاسيما انك ربما لم تتعايش او تتعرف على امكاناتهما الذاتية من قبل ؟
– وأنا أختار الممثلين طه المشهداني، وميلاد سري، تخيلت نفسي كفلاح ترك الأرض لسنوات، ومن ثم رجع إليها ليزرعها وبأنواع متعددة من المزروعات، وبعد هذه الأيام من البروفات التي دخلنا إلى عوالمها الكرنفالية والشاقة، خرج الزرع وإذا به شجرتي النارنج تفوح زهورهما باريج الجمال، والعشق للإبداع والمسرح والحياة.

* هذا سيقودنا الى السؤال عن سينوغرافيا العرض وبقية العناصر الفنية الأساسية ودورها في الصياغة الكاملة للعرض فكريا وجماليا وابداعيا؟
– العرض المسرحي فرح جماعي، وشغل جماعي، وجهد جماعي، وهكذا يبنى فضاء العرض بإحساس عال وإصطدام جمالي، حينما تلتقي وتتفاعل مفردات وحيوات هذا العرض عبر سيناغرافيا، يخطط لها، وينفذها المخرج، والممثلون، والتقنيون في الإضاءة، والمؤثرات الصوتية، والموسيقى، والأزياء، والمكياج، والإكسسوار، ويبقى مصمم الديكور ومنفذه عنصراً مهماً في صناعة السنيوغرافيا، وهنا أريد أن أتوقف عند الفنان محمد النقاش، الذي كان وما يزال ساحراً في مساهمته بصناعة وتنفيذ ديكور عرضنا المسرحي.

* دعنا نتوقف عند الرسالة التي تريد ايصالها عبر هذا العرض شكلا ومضمونا؟
– هي ليست رسالة، هي صرخة تقول: أيها البشر اسهموا في خلق حياة أمنة، ومحبة، وفعّالة ولا تسهموا في صناعة المزيد من الجلادين.
أيها العراقيون لا تسكنوا داخل (منيكانات) الضحايا، ولا تتخذوها أطلالاً لبكائكم السرمدي، هل تستطيعون ذلك، هل تمزقون منيكاتكم التي تمثل في الجوهر الوعي الراكد والإستسلامي والبكائي؟!.

* وما الذي تراهن عليه في هذا العرض من بين حصيلة شاملة من العروض التي عملت على إخراجها وقدمتها على خشبات المسارح العربية والأجنبية؟
– لا أراهن أبداً، بل أنا قلق جداً فيما ينتجه هذا العرض وإلى أين يقودني ويقود هواجسي واحلامي…؟

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة