القسم الأول
احمد موسى جياد
لقد اطلعت وراجعت أكثر من مرة ما أبداه الوزير من اراء وما قدمه من معلومات وخاصة خلال المقابلة التلفزيونية مع قناة الشرقية/برنامج طبعة محدودة، للتأكد بدقة مما طرحه الوزير من اراء. وقد تضمن ما طرحه الوزير العديد من المعلومات والآراء المهمة والخطيرة والتي قد يترتب عليها اثار سلبية على الاقتصاد العراقي، ولكن اخطر ما قاله الوزير «إنني ماضٍ بهذا بغض النظر عن الذي يقبل او لا يقبل».
وفي ضوء ذلك اسجل الملاحظات التالية.
أولا: دقة المعلومات
فقدت بعض المعلومات والآراء التي قدمها الوزير الى الدقة كما شابها بعض التناقض وعدم التناسق حسب ما تدلل عليه الأمثلة التالية:
(1) بدأ الوزير بالقول أن وزارة النفط تأسست في الثمانينيات ثم صحح نفسه وقال في السبعينيات! وهذا أمر غير صحيح؛ فكيف لوزير النفط ان لا يعلم متى تشكلت الوزارة التي يترأسها ولديه «خدمة» في الوزارة نفسها ولعدة عقود. بالمناسبة لقد كان في الموقع الإلكتروني للوزارة صفحة خاصة تتضمن عرضاً لجميع الوزراء السابقين وقد تم حجب هذه الصفحة ضمن اجراءات محاربة الشفافية التي سادت الوزارة وما زالت منذ تسلم الوزير الحالي منصبه.
(2) كما وقال بأنه فعل قانون رقم 22 لسنة 1989. لا أعلم عن اي قانون يتكلم؟ فإذا كان قصده قانون الشركات العامة فان ذلك القانون قد صدر في عام 1997 وليس 1989 ونشر في الوقائع العراقية عدد 3685 بتاريخ 1 ايلول 1997.
(3) وعند تكلم عن كلف الإنتاج في الحقول النفطية اشار الى حقلي بدره والأحدب التي تطورهما «شركة روسية « حسب قوله!!!! في الحقيقة ان تطوير حقل الأحدب يتم بواسطة الشركة الصينية سي أن بي سي، وحقل بدرة يتم بواسطة ائتلاف يضم اربعة شركات دولية بقيادة كازبروم الروسية وكل من كوكاز الكورية و بتروناس الماليزية وتباو التركية فقط. كذلك اشار الوزير الى الحقل النفطي الذي تطوره شركة شل من دون معرفة او تذكر اسم الحقل، وهو حقل مجنون العملاق الذي تساهم كل من شركتي شل و بتروناس بتطويره.
(4) وفيما يتعلق بالغاز المصاحب قال الوزير ان ما ينتج حاليا يبلغ 2800 مقمق ويتم منها استخدام 1100 مقمق ثم يقول ان نسبة الاستخدام تتراوح بين 60%و62%!! وهذا خطأ أيضا لان ما ذكره من ارقام تشير الى نسبة استغلال قدرها 39.3%!
(5) وكانت طروحاته بشأن المصافي محيرة: فتارة يدعو الى عدم قيام الدولة بإنشاء المصافي وتركها للقطاع الخاص وتارة يقول بان الوزارة ستقوم بهذا وذاك. ولكن الوزير لم يذكر لماذا لم يتم احالة اي مصفى حديث الى الاستثمار الخاص منذ طرح المصافي الأربعة عام 2012 برغم كل الامتيازات الممنوحة باستثناء مصفى ميسان/ستاريم ؛الذي احيل الى شركة مفلسة ماديا وقانونيا والتي لم تنجز اي شيء لحد الآن. وهل برأيه أن تبقى الدولة سلبية في الوقت الذي يستورد العراق على ما يزيد عن 2.2 بليون دولار سنوياً، حسب ما قاله الوزير! ولماذا لم يسعى الوزير لإيجاد التمويل المطلوب لمصفى كربلاء الحديث الذي يعتبره «مهم جداً» وفي الوقت نفسه يدعو الى خصخصته بعد ان انفقت الدولة عليه ما يزيد على 1.5 بليون دولار وان معظم المعدات قد وصلت الى موقع العمل !!!!!
(6) كما وقال الوزير «لايوجد انتاج في عام 2015» وانه اجتمع مع الشركات بعد استلامه الوزارة ووضع تلك الشركات «على المسار الصحيح».
ان المعلومات الإحصائية العائدة لوزارة النفط (والتي منع الوزير نشرها منذ مجيئه اليها) ذاتها تناقض تماماً ما قاله الوزير. حيث بلغ انتاج الحقول الجنوبية في عام 2015 نحو 3.141 مليون برمل يومياً أي بنسبة زيادة قدرها 15.7% عما كانت عليه في عام 2014. اما في عام 2016 فان نسبة الزيادة في انتاج الحقول ذاتها خلال الأشهر الثمانية الأولى فقط (اي قبل تسلم الوزير منصبه) قد بلغ 11.8% مقارنة بكل عام 2015.
يضاف الى ذلك ان تصريحات الوزير تتناقض بالكل مع المعلومات التفصيلية التي سبق وان قدمها وزير النفط السابق عادل عبد المهدي والمدير العام عبد المهدي العميدي الى مجلس النواب في بداية عام 2016.
ثانياً: الحقول الحدودية
ان ما قاله الوزير بهذا الشأن خطير جدا وقد يترتب عليه اضرار كبيرة على المصلحة الوطنية مما يتطلب سرعة التحرك من قبل الجهات المعنية للتأكد مما قاله الوزير.
(1)عند عرضه لموضوع الحقول الحدودية مع الكويت قال الوزير انه كان على وشك إتمام اتفاقية (يونيفكيشن) مع الكويت وذلك قبل مغادرته الوزارة قبل سبع سنوات؛ وعند عودته وجد ان الموضوع مازال يراوح في مكانه وقد ذهب الى الكويت وفعل الموضوع من جديد والمباحثات مستمرة. ثم يعود ويقول «إننا لا نستطيع ان نعمل شيء، ليس لدينا الحق كجانب عراقي لأن حقلي الزبير والرميلة الجنوبي محالة في جولات التراخيص».
يمكن تسجيل الملاحظات التالية على ما قاله الوزير
1. ليس في عقود الخدمة الموقعة بموجب جولات التراخيص ما يقيد الجانب العراقي في حماية المصلحة والسيادة الوطنية فما يتعلق بالحقول الحدودية. يضاف الى ذلك ان برامج العمل السنوية لتطوير أي حقل تخضع الى الموافقة النهائية للوزارة وهذا يعني ان على الوزارة التأكد من ان تحدد مواقع الأبار واعماقها في الحقول الحدودية بما يقلل من الضرر الناجم عن نشاطات الانتاج في الجانب الكويتي. وإنني ادعو المختصين في الجوانب الفنية والجيولوجية للمساهمة بمناقشة هذه المسألة.
2. من الناحية التكتيكية والتفاوضية فان تصريح الوزير قد أضعف وأضر بموقف الجانب العراقي التفاوضي بشكل مطلق حيث أقرالوزير مسبقا وعلنا بعدم وجود حق للجانب العراقي.
3. ومن الناحية العملية (والمنطقية أيضا) يوجد تناقض في قول الوزير فكيف يستمر في المباحثات وفي الوقت نفسه يصرح علنا بعدم وجود حق للجانب العراق.!!!
(2) وفي عرضه للحقول الحدودية مع ايران ذكر الوزير أمور غريبة ومحيرة ومقلقة بشأن حقل سندباد في البصرة فتارةً يقول ان شركة كويت انرجي تعمل هناك ثم يعود ويقول بأنه سيعرض هذا الحقل وسيدعو الشركات «لأننا لا نستطيع تطويره بالجهد ألوطني» حسب قوله!!!!
وهنا لابد من التساؤل باي حق او عقد تعمل تلك الشركة بهذا الحقل؛ فهل الشركة متجاوزة على حقوق العراق؟ واذا كان ألأمر كذلك فكيف يصمت الوزير ولم يحرك ساكناً؟ ونظرا لخطورة ألأمر على وزير النفط توضيح ألأمر. علماً ان هذه الشركة هي المشغل لحقل سيبه الغازي وللرقعة الاستكشافية رقم 9.