شغلتني الأحداث في الأسبوع الماضي عن الكتابة في شؤون الصحافة العراقية في ذكرى عيدها الثامن والأربعين بعد المئة الذي مر في الخامس عشر من حزيران الجاري – وان كان البعض يشكل على اتخاذ هذه المناسبة عيداً للصحافة العراقية على اعتبار ان جريدة الزوراء لم تكن سوى نشرة اصدرها الاحتلال العثماني لنشر فرمانات السلطان باللغة التركية.
ولكن المشكلة انني حين اردت الكتابة عن الصحافة وهمومها في يوم عيدها ، واذ خلوت إلى نفسي وقلمي وجدتني حائرا في الكتابة عن هذا اليوم ، .. أ أكتب عن ذكرياتي مع صاحبة الجلالة وعن اول يوم من دراستي للصحافة في قسم الاعلام الذي كان احد اقسام كلية الاداب بجامعة بغداد ، وأول موضوع نشرته في الصحف وكيف علمنا اساتذتنا مبادئ العمل الصحفي ، واولئك الزملاء الذين اصبح بعضهم نجوما لامعة في سماء الإعلام العراقي وحتى العربي ؟ .. أم اكتب عن واقع الصحافة العراقية اليوم ، وما تواجهه من تحديات جسام، وما هو اثرها في عملية البناء الجديد للعراق ؟… كانت كفة العقل تميل نحو الكتابة عن واقعنا الحالي ، فيما كانت العاطفة تريد العودة إلى ذكريات الامس والخوض فيها ..ودائما للعقل سلطان .
إن عالم الصحافة والإعلام عالم واسع ومتجدد ومتحول ايضا تكتنفه الكثير من الهموم ، ذلك لأن الصحفيين هم قادة الرأي ويمتلكون القدرة على بلورة هذا الرأي باتجاه القضايا التي يريدون لفت الانظار صوبها ، .. وفي بعض الدول يُعامل الصحفي مثل رئيس الدولة ويُمنح تسهيلات كبيرة في شؤونه الحياتية .. وعند الحديث عن الصحافة في العراق وهي التي تحتل تاريخا عريقا ناهز قرنا ونصف القرن من الزمان ، فيمكن القول ان صحافتنا تقف في مقدمة صحافة الشرق الاوسط من حيث حرية التعبير ،وفي حجم المخاطر التي يواجهها الصحفيون ،فضلا عن الدور الذي يؤديه الاعلام بنحو عام ، فنحن لأول مرة نشهد حضورا اعلاميا واضحا وكبيرا في المعارك التي تخوضها قواتنا الامنية لتحرير الارض من داعش ، فنجد الصحفيين والاعلاميين يتسابقون مع المقاتلين في تغطيات حية ومباشرة لمجريات المعارك ، لذلك فقدنا الكثير منهم شهداء وجرحى ، وفي المقابل نجد صحفيين اخرين اغلقت المؤسسات الاعلامية ابوابها بوجوههم بعد ان سرحتهم بسبب الازمة المالية ، فيما لم تدخر نقابة الصحفيين العراقيين جهدا ولا سبيلا الا سلكته من اجل تأمين المنحة المالية للصحفيين ولكن من دون جدوى؛ بسبب الازمة الاقتصادية ايضا .. فيما نجد صنفا آخر من الصحفيين يرفع شعار (صحفي للإيجار) – وان كانوا قلة ولا يمثلون الضمير الحقيقي للصحافة – هم على استعداد لجعل الابيض اسودا والأسود ابيضا !! ، وبات هؤلاء يعرفون في الوسط الصحفي بصحفيي (الجكة) .. وهذه قضية ينبغي لنقابة الصحفيين والمؤسسات الاعلامية التوقف عندها لمعالجتها .
الجميل في الامر انه وبرغم صعوبة الظروف والتحديات التي تواجهها الصحافة هنا في العراق ووجود بعض السلبيات ، ولكن مازال الكل يحسب للصحفي حسابا .. والمفرح ايضا ونحن نحتفل بعيد الصحافة هو اختيار مجلس الوحدة الإعلامية العربية بغداد عاصمة للصحافة العربية لعام 2017 ، وهو ما يؤكد أن صحافتنا بخير .. فألف تحية للصحفيين العراقيين وهم يحتفلون بعيدهم الثامن والأربعين بعد المئة.
عبد الزهرة محمد الهنداوي
حيرة قلم!
التعليقات مغلقة