شملت تهديدات مباشرة بالقتل والإجبار على دفع أموال
بغداد ـ الصباح الجديد:
يرصد “بيت الاعلام العراقي” في تقريره السابع والعشرين الضغوط التي يتعرض لها صحفيون واعلاميون من جهات عشائرية وقبلية، اذ بدأت تتحول الى ظاهرة خطيرة تهدد حياة الصحافيين وتضيف عاملا رقابيا اخر على العمل الصحفي في البلاد الى جانب الضغوط الحكومية والحزبية والفصائل المسلحة والمجموعات الارهابية.
وفي 23 شباط (فبراير) 2017 تعرض فريق برنامج “ولاية بطيخ” الكوميدي الذي يعرض على قناة “هنا بغداد” المحلية لتهديدات مسلحة وابتزاز من قبل جهات مسلحة بعد ظهور مشهد في احدى حلقات البرنامج انتقدت ظاهرة سطوة العشائر في المجتمع العراقي تضمنت اهزوجة لاحد العشائر التي عدتها اهانة لها.
ولاحقا تعرّض منزل مخرج البرنامج علي فاضل الى إطلاق نار من قبل جماعة مسلحة مجهولة لم يصب اي من المتواجدين في المنزل خلال الهجوم، ووصف فاضل الهجوم “بالارهابي” وطالب السلطات العراقية بفتح تحقيق بالحادثة وكشف الجناة.
واحصى “بيت الاعلام العراقي” حالات عدة لتعرض صحفيين الى تهديدات عشائرية خلال السنوات الماضية شملت تهديدات مباشرة بالقتل واجبار صحافيين ومؤسسات اعلامية على دفع اموال الى عشائر بما يعرف “الدية العشائرية”، والاحتجاز من قبل مجموعات عشائرية.
ولفت التقرير إلى تنامي الضغوط العشائرية على الوسط الصحافي حتى اصبحت ظاهرة واسعة خلال عامي 2015 و2016 بعدما كانت تمثل حالات نادرة خلال الاعوام السابقة في مؤشر خطير الى تزايد الرقابة على الاعلام العراقي الى جانب الرقابة الحكومية والحزبية، وهي جزء من ظاهرة عامة بدأت تطاول فئات اجتماعية عديدة مثل الاطباء.
ولاحظ التقرير ان غالبية التهدادات التي تعرض لها صحفيون ومؤسسات اعلامية من جهات عشائرية لها خلفيات حزبية وسياسية تتعلق بصفقات فساد اداري ومالي وانتقاد قرارات صادرة عن مسؤولين في الدولة العراقية.
ووجد التقرير ان بعض حالات التهديد العشائري جاءت بعد خسارة مسؤولين في الدولة دعاوى قضائية اقاموها ضد صحافيين الذين بدورهم كسبوا الدعاوى بموجب القوانين النافذة، في مؤشر خطير الى لجوء المسؤولين للاجراءات العشائرية التي تتم خارج سلطة الدولة، وفي اغلب الحالات تعجز السلطات الحكومية عن منعها وتنأى عن التدخل فيها في تخلي واضح عن مسؤوليتها بفرض القانون.
وخلال الشهور الماضية لاحظ راصدو “بيت الاعلام العراقي” ان مسؤولين بدأوا يتجاهلون اتباع الطرق القانونية عبر المحاكم واختاروا اللجوء الى الاعراف العشائرية مباشرة ضد صحافيين ومؤسسات اعلامية مستغلين ضعف الدولة ومؤسساتها الأمنية في فرض القانون المدني برغم ان بعض هؤلاء مسؤولين كبار في الدولة.
وأكد صحافيون محليون في استطلاع لـ “بيت الاعلام العراقي” ان الضغوط العشائرية اصبحت تمثل عنصر تهديد ورقابي جديد يضاف الى الرقابة الحكومية والحزبية وتهديدات الجماعات المسلحة والجماعات الارهابية ما زاد من المصاعب التي تواجه العمل الصحفي في البلاد، ويرفض غالبية الصحافيين اللجوء الى عشائرهم لمواجهة عشائر خصومهم فيما اختار بعضهم ترك العمل الصحفي بسبب تقصير السلطات الحكومية في توفير الحماية لهم في مؤشر خطير الى تراجع حرية الصحافة في البلاد.
وطالب التقرير في توصياته، الحكومة العراقية بتوفير الحماية للكوادر الإعلامية من التهديدات العشائرية عبر استخدام قواتها الامنية في ذلك واستثمار علاقاتها مع العشائر لوضع حد لتهديد الصحفيين والاعلاميين، وضرورة قيام الجهات الامنية بالكشف عن نتائج التحقيق في الاعتداءات المسلحة التي تعرض لها صحفيون ومؤسسات اعلامية ومعاقبة الافراد المسؤلين والمتورطين بدلا عن السكوت عنها، اذ ان كشف الجهات التي تقف وراء ذلك يشكل أحد العوامل الرادعة لتفاقم هذه الظاهرة الخطيرة.
ودعا الفعاليات المدنية والاجتماعية للتواصل مع الجهات العشائرية والشروع في حملات تثقيف وتوعية من خطورة إقحام العشائر في نزاعات ذات طابع قانوني متعلق بحرية الصحافة في البلاد، اذ ان الكثير من حالات التعرض للصحافيين حملت في ظاهرها طابع عشائري ولكن تبين في الحقيقة أن جهات فردية اقدمت على ذلك دون تنسيق من شيوخ العشائر.
و”بيت الإعلام العراقي” مؤسسة إعلامية مستقلة أسسها مجموعة من الصحافيين العراقيين في بداية عام 2015، وتعنى برصد وسائل الإعلام العراقية المختلفة، وعرض أهم السلبيات التي تشوب التغطية الإعلامية لتلك الوسائل للاحداث الجارية عن طريق اصدار تقارير رصد بصورة دورية.