صاحب «العيادة المسرحية» يحذّر من دواعش الفن
باريس ـ وكالات :
كثيراً ما يحذر الأكاديمي المسرحي العراقي جبار خماط من دواعش المسرح الذين يريدون تقسيم البيت المسرحي العربي إلى طوائف تتنفس النزاع والخلاف وتطرد التعايش والسٍلم المسرحي، ويرى أن الجمال الفني يتجاوز الطائفي كون الطائفي يعاني من مرض عقلي ويحتاج إلى عيادة طارئة لإزالة ظلامية أفكاره.
من خلال مشروعه الفكري والتطبيقي، يحاول خماط معالجة علل وأمراض المسرح العربي فهو يرى كَثُرة المسارح وقَلّة الجمهور، ويصف أولئك المسرحيين الذين يعملون تحت الأضواء الأنيقة والمقاعد الوثيرة بالمساكين كونهم يتناسون أن حركة الوعي والتاربخ تحت الشمس بين الناس المنسيين في كل مكان وليس في القاعات المغلقة.
وعن العيادة المسرحية بين خماط ,انه منهج علاجي وإصلاحي، يعتمد المسرح سبيلاً للوصول إلى بناء الذات، ونقلها من السلبي إلى الإيجابي، فكراً وسلوكاً، تذهب إلى الناس المنسيين في الأماكن البعيدة، كونهم يحتاجون المسرح والنور الجمالي، حتى يتمكنوا من معرفة وجودهم الحي في ضوء الصورة المسرحية، وخطاب الصوت الحميمي الذي لا يشعرهم أنهم على هامش الوجود، أو لا ضرورة لتفاعلهم!
وأضاف: ينبغي أن ننظر إلى المسرح بوصفه رؤية ومستقبل وليس قيداً أو سجناً للفكر المقيد بقيود الماضي، ذاكرته تتحرر من الألم لتصنع فرحاً دائماً يستقبله الجمهور بزهو وسعادة، ولهذا من يصنع جمالاً مسرحياً خالياً من شوائب المصالح الذاتية المريضة، خيراً يرى في شعوره وفكره، ومن يدفع الناس إلى القتامة واليأس والحزن وتدمير المشاعر فهو خارج عن الملة المسرحية.وهنا كان، الإيمان بالإنسان ضرورة عملية فاعلة في بنية العيادة المسرحية.
وعن تلقيه دعوات من تونس والكويت وغيرها من الدول قال خماط : تعودنا أن تكون تونس ومسرحها التنويري مختبراً للتجارب الجديدة التي تحقق تأثيرات جمالية وفكرية لدى المتلقي. وبالتالي كانت المبادرة في دعوة «العيادة المسرحية» لتكون ضمن مهرجان ٢٤ ساعة مسرح من دون انقطاع الذي سيقام في الكاف.
أما الكويت فلم تصل دعوة أو مبادرة منها، وقطعاً ثمة تخطيط أن تصل العيادة إلى أكثر من دولة عربية، ليكون حواراً مسرحياً أساسه المعرفة والحوار الفكري والمهاري، وأهدافه رسم خارطة طريق لمسرح يذهب إلى الناس في كل مكان، ليعيد دورة وجوده مع الناس وتحويلهم إلى مشاركين في العيادة المسرحية.
ويرى جبار خماط أن أمراض المسرح العربي تزداد ويفقد الشباب حماسهم، وقال: للأسف المسرح العربي أشبه بقبيلة وجوهها معروفة، لهم هباتها وعليهم واجبات الحفاظ عليها، المهم أن تستمر على قيد حياة وجودها السنوي بعيداً عن حركة التاريخ وتحولاته وحاجات الناس! متناسين أن المسرح العربي ليس ترفاً يصنعه المال السياسي. بل ضرورة مجتمعية ينبغي أن تتواصل مع الجميع في المسرح العربي، وثقافة المسرح وتسويقها ليس ترفاً يصنعه المال السياسي، بل ضرورة مجتمعية ينبغي أن تتواصل مع الجميع في كل مكان، وهنا تواصل الشباب بحماس عال وملحوظ مع العيادة المسرحية لأنها مختبرهم حيث يجد فيه المسرحي الشاب قدراته ومهاراته في حالة اكتشاف وتطوير مستمر.
وأوضح أن هناك نية عمل موقع إلكتروني للعيادة المسرحية، فيه يتم نشر بيانات العيادة والورش المستمرة التي تتواصل مع الناس، فضلاً عن التواصل مع مراكز البحوث في الجامعات العراقية لتطوير الأداء ووضع استراتيجيات لمعالجة الأوضاع الصعبة التي يمر بها العراق.
ويرى جبار خماط أن أقسى الحروب هي الفكرية التي تكون على قاعدة التطرّف والاقصاء، منسوب التعايش يقل تدريجياً، والحروب تتمدد وتنتشر، وهنا تكمن مسؤولية المسرحي العربي ليس العمل بأداء النعامة بل بالمواجهة والتعريف بالمشكلة بقصد وضع الحلول، والنَّاس بنحو عام تتقبل ما يأتي من الفن من رسائل، لأنها تعرف أن الفن معياره الجمال والتفعيل الإنساني بعيداً عن الانغلاق والظلامية والتطرف الذي تعاني منها أغلب البلدان العربية.