“المحيبس” يجمّل ليالي القشل والصدرية

في أجواء رمضان، تبقى لعبة “المحيبس” واحدة من أبرز التقاليد الشعبية التي تزين ليالي بغداد، وخصوصًا في أحياء “القشل والصدرية.” “احياء شعبية قرب الشورجة” فهي ليست مجرد لعبة، بل طقس اجتماعي يضفي على المجالس أجواءً من الحماس والتفاعل، حيث تُلعب في المقاهي والأزقة الشعبية، وأحيانًا في البيوت عند تجمع العوائل الكبيرة، لا سيما في بيت الجد، حيث يتنافس فريقان من أبناء العمومة أو أبناء الخال، وفي بعض الأحيان يشارك فيها البنات والأولاد معًا.
وتمتاز اللعبة بحالة من الصخب الممزوج بالأهازيج الشعبية، وتحديدًا “المربعات البغدادية”، التي ترافق اللاعبين وتزيد الأجواء حماسة. أما الفوز، فليس مجرد إحساس بالانتصار، بل هو أيضًا جائزة تُقدَّم على هيئة “صينية بقلاوة”، ما يجعل التحدي أكثر إثارة.
تقول أم ستار، وهي سيدة تعيش في زقاق القشل المقابل لسوق الصدرية: “لم تكن النساء يجربن هذه اللعبة أبدًا، ربما لأنها لا تمنحهن المتعة نفسها التي يحصل عليها الرجال عند لعبها. حتى عندما يلعبها أحفادي في البيت، بمشاركة البنات، يكون الهدف منها التسلية فقط، لكنها رغم ذلك تعزز بينهم الألفة والتقارب”.
وتضيف: “الجانب الأهم في المحيبس هو قدرة اللاعبين على إخفاء ملامحهم حتى لا يكشف الخصم موقع المحبس، مما يزيد من حدة التحدي والتلاحم بين الفريقين. كما أن للعبة مصطلحاتها الخاصة، مثل: ‘هاي العظمة’، ‘بات’، ‘اطلق اليمِنة’، و’اطلق اليسرة’. أما من يحاول معرفة مكان المحبس، فيجب أن يكون محترفًا وذكيًا ولديه قدرة على قراءة ملامح الوجوه”.
أما أبو ستار، وهو من رواد اللعبة، فيقول: “بصراحة، المحيبس أكثر من مجرد لعبة، فهي لا تمنح اللاعب متعة الفوز فقط، بل تجعله يشعر بفرحة كونه السبب في نجاح فريق كامل، وإحضار صينية الحلوى التي ينتظرها الجميع بحماس. أذكر أنه كان من شروط لعبنا في الماضي أن تكون البقلاوة من حلويات ‘نعوش’، التي تُعدّ من أفضل حلويات رمضان”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة